عبده الأسمري
عشق القانون فكان شعلته التي أضاء بها درب «نجاحه».. ترافق مع الغربة زماناً ومكاناً فظل سفيراً فوق الاعتياد.. اعتلى بوطنيته واستجلى بكفاءته فكان مكافحاً ومنافحاً برتبة «خبير».. تعرفه أوساط «الغرف التجارية الدولية» وتألفه مجتمعات «القانونيين» ككبيرهم الذي علمهم «الدفاع» وخبيرهم الذي درسهم «الترافع».
إنه أمين عام غرفة التجارية العربية الفرنسية ورئيس المركز العربي الأوروبي للدراسات المحامي الدكتور صالح بكر الطيار أحد أبرز رجال القانون والتحكيم الدولي السعوديين في الخارج. بوجه مديني دائري تحفه ملامح الوقار ومطامح المعرفة مع عينين واسعتين تكتظان بالإنصات وتعابير مألوفة تغلب عليها سمات الحكمة تتشابه مع والده وتتقاطع مع أخواله ومحيا مألوف باسم يتراءى من على قامة أنيقة موشحة بالأناقة العامرة والبهاء وصوت جهوري تتوارد منه اللغة الإنجليزية العميقة والفرنسية المتعمقة في لغة العمل والمؤتمرات مع عبارات بيضاء ولهجة عصماء تمتلئ باللهجة الحجازية والمفردات المدينية يطل الطيار رمزاً وطنياً له أسمه ومسماه في عمله وعلمه داخل الوطن وخارجة سجل حضوره في الميادين القانونية والاقتصادية والإستراتيجية كرجل مهمات وبطل تحديات.
في المدينة المنورة ركض طفلاً بين ساحات المسجد النبوي وأحياء قباء وسيد الشهداء وجال متشرباً روحانية الطهر المديني بين أبواب المجيدي والشامي مراقباً لمجاميع العلماء ومجمعات الضيافة في حضرة «الأصالة» مستمعاً إلى تعليمات المساء في منزل والده مبتهلاً بدعوات جوف الليل في كنف والدته التي أكملت في مخيلته «دوافع السيرة الأولى» و»أسرار المسيرة المثلى».
في حيه «الصغير» المكتظ بذكريات «الزمن الجميل» الممتلئ بحكايات «العمر الأصيل» نسج الطيار أولى «وقائع» الطريق مستدلاً ببوصلة ظل يتتبع مساراتها بين عمق تربوي سبر أغوار نفسه وغربة لامس اتجاهاتها في سن الشباب فتولى لواء الأبوة باكراً بعد وفاة أبيه ليحيك نسيج الرداء الأسري بتفصيل نبيل كان عنوانه «الصبر والجبر». كان الطيار ملهماً بحكايات «السداد» ومكملات «الوداد» فشكل مشاعره «الطفولية نحو الشعائر الدينية فظل «ابن طيبة الطيبة البار» الذي كان يقود فريق حارته في أيام عمل تطوعية لصياغة «الكرم المديني» للزوار والتحق بالكشافة المدرسية مبكراً ليشبع حبه للتكافل ويلبي تولعه بالانضباط.
بين عشرات العباقرة المدينيين درس الطيار وسط «مجتمع نابغ» فتشكلت في ذهنه خارطة المستقبل وفق تلويحات «التفوق» وتشريفات «الاتفاق» مع أقرانه في تشكيل الأمنيات بخطوط عريضة ليكونوا أول أفواج سفراء العلم وأوفياء المعرفة فسجل اسمه في متون «المؤثرين» وأمضي بتوقيعه في سجلات «الموقرين» أتم الطيار دراسته بالتعليم العام في مدارس المدينة المنورة ونال منها الامتياز ثم حزم حقائبه متوجهاً لمصر ليدرس القانون في عقر دار المعرفة بجامعة القاهرة ونال ليسانس الحقوق رغماً عن الظروف الصعبة آنذاك متجاوزاً ويلات الغربة.. ثم لاحق الطيار بعد نظره متوشحاً رداء الجدارة ليطير إلى فرنسا مواجهاً كل عقبات «الاغتراب» بدافعية «الانتساب» إلى روحه المشبعة بالتنافس فنال الماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة رين الفرنسية العريقة في أربع سنوات باقتدار راسماً «اسمه» في مسار «الندرة» لصعوبة اللغة وتعقيدات التخصص التي هزمها بسلاح «الكفاح» عمل الطيار في مجال عمله وأسس مجموعته القانونية والاستشارية التي توجد في عدة بلدان وأقام صروحاً من «العبرة» و»الخبرة» انطلقت من باريس التي يقيم بها منذ نحو ثلاثة عقود ليرسم تشكيلة «المهنية» في اتجاهات مختلفة..
وتم اختياره كأول سعودي ليكون أميناً عاماً للغرفة التجارية العربية الفرنسية وقد أسس عام 1992 المركز العربي الأوروبي للدراسات في باريس مع بعض رجال الأعمال العرب ليكون نواة «فكر» تنشر البحوث وتعقد المؤتمرات وتبلور الدراسات وتمثل «واجهة معرفية» حافلة بالتأثير والأثر على خارطة العالم. للطيار عضويات متعددة في عدة جهات بالداخل والخارج وبحوث ودراسات في القانون الدولي والتحكيم والإرهاب وألف مجموعة من الكتب في مجال السياسة والاقتصاد والقانون والدراسات وامتهن الكتابة الأسبوعية لسنوات في عدة صحف سعودية وعربية ونال عدة جوائز عالمية ودولية ومحلية وحصل على وسام الشرف الفرنسي برتبة فارس من الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. وشارك في عشرات المؤتمرات الدولية وقد أنجز الطيار مئات القضايا الكبرى الدولية في مجال عمله كمحامٍ ومحكم ومصلح. عقود طويلة أكمل فيها صالح الطيار عقد الاحتفاء وأتم مجد النماء كممثل لوطنه وممتثل لطموحه ليكتب من باريس إلى المدينة قصة الوفاء والاستيفاء ليكون للأجيال موعد مع قامة وطنية وقيمة مهنية راسماً من سيرته «مثالاً» ومن مسيرته «امتثالاً» بأصول المهنية وفصول العصامية.