عماد المديفر
في غضون السنتين الأخيرتين بالذات؛ حدثت تغييرات جذرية في موازين القوى في المنطقة لا تكاد تخطئها عين المراقب الموضوعي الخبير، فأصبحت الحرب على التطرف والطائفية والإرهاب أكثر فاعلية، حتى وجدنا «داعش» تكاد تختفي، و»جبهة النصرة» اضمحلت، و»القاعدة» لا حس لها، و»الحوثيون» في دبور وضعف كما لم يحدث من قبل، ونظام عمائم الشر والإرهاب في طهران -الراعي الأكبر للإرهاب في العالم- في حالة تقهقر وانكفاء، وخوف من المستقبل المظلم، ودنو الأجل، الذي تنبأ له به العديد من المحللين، أما التنظيم الإرهابي الدولي للإخوان المسلمين -والذي اعتاد على العمل والتغلغل في الظل- أضحى في حالة انكشاف تام، حتى خرجت الرسائل من قادتهم الكبار، لعناصر التنظيم، علناً بقولهم: «يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم» وزاد أحد الإخونج الخبثاء كي تصبح الرسالة أكثر وضوحاً: «لا يحطمنكم ابن سلمان وجنوده»..! أو كما فعل القيادي الإخواني العتيد محمد ولد الددو - في منتدى الشباب الثاني، وهو تجمع رمزي كبير لعناصر من التنظيم، أقيم في إسطنبول قبل ثلاثة أشهر تقريباً- الذي أمر عناصر التنظيم بالاختفاء والتخفي خلال هذه المرحلة فيقول: «ففروا إلى الكهف»، أي تخفوا، ووصف «الكلب» في سورة الكهف في قوله تعالى: «فيقولون ثلاثة ورابعهم كلبهم، ويقولون خمسة وسادسهم كلبهم» أنه يمثل «الاحتياطات الأمنية» و»الحذر».. وأنهم إذا خرج أحدهم من كهفه إلى المدينة فينبغي عليه أن «يتلطف» و»لا يشعرن بكم أحدًا».. وهذا الخطاب بحد ذاته يكشف إلى أي درجة من الضعف وصل إليها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وخصوصاً داخل الدول العربية، وبالأخص في هذه البلاد حماها الله. وإن كان لذلك من دلالة؛ فهي أن الحرب على التطرف والطائفية والإرهاب، التي يقودها فارسنا المفدى، سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه وأيده بتأييده- قد بدأت تؤتي أُكُلها.
هذا من جانب..
ومن جانب آخر، فإن المملكة العربية السعودية بدأت في انطلاقة جديدة، نحو نهضة شاملة حقيقية في مجالات شتى، كان الاقتصاد، والتنمية، والحداثة، والإصلاح التعليمي والاجتماعي ركيزتها الأساس.. كما أنها لم تغفل مد يد العون والمساعدة للدول العربية والإسلامية الشقيقة، لتتماسك وتنهض، وينهض اقتصادها وصناعتها.. وتقل فيها البطالة ومستويات الجريمة، جنباً إلى جنب مع مكافحة الفكر المتطرف، لا سيما وأن البيئة المحبطة هي المكان المناسب لنمو أو انتشار الفكر الإرهابي والمتطرف.
لذا؛ فإن نجاح سمو سيدي ولي العهد في مشروعه العظيم، الذي هو اليوم مشروعنا جميعاً.. مشروع المملكة، ومشروع أشقائها في محور الاعتدال العربي والحرب على الإرهاب، لهو بحد ذاته نهاية حقيقية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولشركائه في محور الشر والإرهاب، كنظام الظلام في طهران، أو تنظيم الحمدين في قطر، وشريكهم الأكبر في المنطقة.. وحليفهم الاستراتيجي في الإقليم.
لا غرو إذن أن يعمل محور الشر والإرهاب، وعلى رأسه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي هو بالفعل مُختَرِق للعديد من أجهزة الدول العربية والإسلامية بما فيها المملكة - كما اعترف بذلك قادة التنظيم بأنفسهم في لحظة النشوة الكاذبة التي غمرتهم إبان ما سمي بثورات «الربيع العربي»- أن يعملوا هم وشركاؤهم معاً في محاولات وخطط جادة لإزاحة هذا المهدد الحقيقي والوجودي لهم..
وما حادثة مقتل خاشقجي، الغريبة عنا كُلياً، إلا دليل اختراق واضح، وفاضح، لاستهداف المملكة وقيادتها وشعبها ونهضتها، بل واستهدافٌ للحرب على التطرف والإرهاب، واستهداف لأمن وسلامة واستقرار المنطقة برمتها. وهو ما كشفته تصريحات قادة محور الشر والإرهاب، وسياسات شركائهم في الإقليم.. ولتعرفنهم بلحن القول.. وما تخفي صدورهم أكبر..
إن طريقنا في حربنا على التطرف والإرهاب لا يزال شاقاً وطويلاً وفي بداياته، ويحتاج إلى جهد وعمل وتضحيات وصبر وصمود.. تماماً كما أن أحلامنا التي تبلغ عنان السماء، لن تتحقق بمجرد الأحلام والأماني.. فمحور الشر والإرهاب سيقاتل لإفشالها.. إذ نحن في حرب وجودية معهم.. حرب بمعنى الكلمة.. وهو ما يزيدنا إصراراً وترابطاً والتفافاً حول وطننا وقادتنا وولاة أمرنا ومشروعنا النهضوي الجبار الذي يقوده أميرنا المقدام، الشهم الهمام، محمد بن سلمان، ونقول كما قال الأول: وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. وإن كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة وجولة.
إلى اللقاء.