سعد السعود
في ظني أحد أكبر مهام اتحاد أي لعبة هي صيانة منافساته من الفوضى وعدم التنظيم.. وتأصيل مبدأ العدالة بين المتنافسين.. وتساوي الفرص في اللعبة بحيث تنعدم أفضلية طرف على طرف إلا فيما يقدمه داخل المستطيل الأخضر.. وبالتأكيد متى ما عُمل بتلك المعايير فإننا نضمن منافسة عادلة نزيهة تجذب المشاهد وتقدم وجبة
رياضية متكاملة بلا أي اعتراض أو تملل من أي طرف.
ولذا، فالأحاديث المتداولة عن عدم تأجيل مباريات الدوري أثناء مشاركة المنتخب السعودي في بطولة آسيا في الإمارات تتعارض بلا أدنى شك مع تلك المعايير.. بل وتقدم ميزة لفريق على حساب فريق آخر .. وهنا بالتأكيد ستنتفي العدالة.. وتصبح المعادلة غير متوازية .. وإحدى الكفتين بالطبع سترجح على الأخرى قبل حتى بدء أي مباراة.
ودعونا نتكلم بالمنطق بعيداً عن الميول وبمنأى عن الألوان: هل من العدل حرمان فريق من نجومه لا لشيء سوى أنه قدم عملاً مميزاً لينتج مجموعة من اللاعبين المتمكنين فتشرفوا بالالتحاق بالمنتخب؟ أعتقد لو تأملنا قليلاً لقلنا أن فريقًا كهذا: يستحق أن يُكافأ.. لا فقط تأجيل الدوري وعدم لعبه لمبارياته إلا وهو بكامل نجومه بعد عودتهم من مهمتهم الوطنية.
وحتى الجانب القانوني واللوائح والأنظمة سواءً المحلية أو حتى الدولية تؤكد أحقية هذا الفريق أو ذاك بالتأجيل متى ما كان هنالك أيام للفيفا أو بطولات رسمية مثبتة في الأجندة.. وحتى لا أبحر في محيط لا أجيده.. فسأسلم الراية للأستاذ أحمد الأمير الخبير في لوائح الفيفا وموادها القانونية والمطلع على الأنظمة المحلية وموادها المختلفة وهو من يملك الخبر اليقين ويقطع قول كل بليغ.
يقول الأستاذ أحمد رداً على سؤالي: (طبعًا في هذا الموضوع بالذات عادة يكون النظام الأساسي للاتحادات الرياضية هو الفيصل ولذلك سوف نستعرض المواد القانونية الخاصة بالمباريات والبطولات الدولية المعترف بها والموجودة في أجندة الفيفا، علمًا أن الفيفا تصدر هذه الأجندة لفترات تمتد ما بين 4 إلى 6 سنوات، وزيادة على ذلك تكون هذه الأجندة ملزمة وسارية النفاذ على الاتحادات القارية والأهلية والدوريات لكل الاتحادات الأعضاء وذلك حسب نص المادة 70 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». ونظراً لأن هذه المادة تعتبر إلزامية فان الفيفا تجبر الاتحادات القارية الأعضاء على إدراجها في نظامها الأساسي، وذلك ما نجده في المادة 77 الفقرة 3 من النظام الأساسي للاتحاد الأسيوي والتي تنص على التالي: يلتزم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بالتقيد بمواعيد المباريات والبطولات الدولية وأجندتها التي وضعتها فيفا.
لذلك يتضح من هذه المادة من النظام الأساسي الآسيوي أن الأجندة الدولية للمباريات والبطولات الصادرة من فيفا ملزمة على المستوى الآسيوي). ويعرج الأستاذ أحمد على الاتحاد المحلي ودوره تجاه تلك المواد الملزمة فيقول: (أما على مستوى الاتحادات الأهلية فذلك يعتبر ملزماً أيضاً و مفروض ومثالنا هنا المادة 71 الفقرة 2 من النظام الأساسي للاتحاد السعودي والتي تنص على التالي:
على الاتحاد الالتزام بجداول المباريات الدولية التي يصدرها الاتحاد الدولي.
ومع انتقادي للصياغة التي كتبت بها هذه الفقرة إلا أني أجدها ملزمة، لذلك على الاتحاد السعودي الإلتزام بهده الأجندة والجداول الصادرة من فيفا للمباريات والبطولات الدولية، وهذا ما يعني موافقته على انضمام اللاعبين إلى المنتخب المحلي أو المنتخبات الأجنبية بالنسبة للاعبين الأجانب خلال الفترات الزمنية المحددة في تلك الجداول، وبالتالي فإن ذلك الانضمام يعني تاثر أندية هؤلاء اللاعبين، ومعروف أن الهدف الأساسي من وضع الأجندة الدولية للمباريات والبطولات الدولية هو حماية حقوق اللاعبين والأندية، بل وألزمت فيفا كل الاتحادات الأعضاء وأجبرتها على وضعها مادة قانونية في أنظمتها الأساسية، وتنص على حتمية التنفيذ من قبل هذه الاتحادات و من ضمنها الاتحاد المحلي؛ وعليه فإن الاتحاد السعودي لكرة القدم ملزم أولاً بتنفيذ مادة نظامه الأساسي 77/2 و بالتالي حماية حقوق الأندية واللاعبين، وهو ما يعني إيقاف الدوري أثناء منافسات بطولة كاس آسيا).
أخيراً.. قد يقول قائل: إن عدم تأجيل الدوري أثناء البطولة القارية تم إعلانه قبل مدة لذا يلزم المضي بذلك..
وأقول: إن الاعتراف بالخطأ وتصحيحه أفضل بمليون مرة من المكابرة والاستمرار عليه.. وحتماً خطوة كتلك بالعودة عن القرار وتأجيل الدوري ستكون في مصلحة اتحاد الكرة أولاً.. لأنها ببساطة ستصب في خانة تعزيز المبادئ التي تحدثنا عنها في استهلالية هذا المقال.. وهي بالتأكيد ما يبحث عنه اتحاد الكرة.
خاتمة
الرجوع عن الخطأ فضيلة.