إبراهيم عبدالله العمار
ماذا في يدك الآن؟ ماذا في جيبك؟ إحدى الإجابتين على الأرجح ستكون الجوال، والذي تتفوق كاميراته على كاميرات الماضي بكثير، ورأت شركات الكاميرات الكبرى مثل نيكون وكانون وغيرها انخفاضاً شديداً على مرَّ السنين بسبب ذلك، حتى إن يناير 2018م لوحده هبطت فيه مبيعات الكاميرات الرقمية 28%! وهذا طبيعي مع كون الكاميرا جزءاً أساسياً من الجوال الآن، وذلك لا تستغرب أيضاً لو عرفتَ أنه في يناير من عام 2012م، أعلنت شركة كوداك الأمريكية إفلاسها، غير أن الغريب أنها تعمل في مجالات عدة منها الكاميرات والطباعة ومعدات الأفلام ولم تفلس إلا في الكاميرات!
تقنيات ومنتجات كوداك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي جعلت التصوير سهلاً وغير مكلف وصارت التقنية في متناول العامة، وإليها يعود الفضل في ذكريات الناس التي طبعوها على الورق وصوّروا بها لحظاتهم السعيدة. لم يكن التصوير لينتشر لولا كوداك ومنتجاتها. ورغم هذا، أعلنت الشركة خروجها من مجال الكاميرات، والأغرب أنها هي الشركة التي صنعت أول كاميرا رقمية!
لماذا خرجت هذه الشركة الشهيرة من المجال الذي عُرِفَت به؟ كيف تخرج من سوقٍ كانت تملكه وتتزعمه تقنياً وهي صاحبة الريادة في عِلمه وتقنيته؟ لأنها رفضت أن تتكيّف. لأنها أَبَتْ التأقلُم مع الزمن والتقنية. في عام 1975م اخترعت كوداك أول كاميرا رقمية في وقتٍ كانت فيه الكاميرات العادية هي السائدة، واستبشروا بها وأيقنوا أنهم سيسيطرون على السوق العالمي تماماً الآن، ولكن الاحتفال بهذا الإنجاز لم يدُم كثيراً، فقد فكر المديرون قائلين: إننا اليوم نسيطر على سوق الكاميرات التقليدية وإذا بدأ الناس يشترون الكاميرات الرقمية فستكسد كاميراتنا العادية ويزول سوقها! فماذا فعلوا يا ترى؟ ألغوا اختراعهم ودفنوه! بطبيعة الحال ظل الناس يشترون ويستخدمون الكاميرات العادية وأفلامها وظلت كوداك تربح وراء هذا، غير أن المنافسة لم تُمهلهم، فبعد 20 سنة من اختراعهم بدأ منافسوهم ينتجون الكاميرات الرقمية، وشاع استخدامها حتى ترك الناس الكاميرات التقليدية وانتقلوا للكاميرات الرقمية، حينها بدأت كوداك في إنتاج الكاميرات الرقمية، لكن سبقها المنافسون الآن وأكلوا السوق، وكافحت الشركة - الرائدة ذات مرة - حتى تعاظمت عليها الخسائر وأعلنت أخيراً إفلاسها.
تكيّف...أو انقرِض.