حمّاد السالمي
* حادثة الصحافي السعودي (جمال خاشقجي) -رحمه الله- في إستانبول بتركيا؛ كان يمكن أن تمر (إعلاميًّا) على أقل تقدير؛ كما مرّت حوادث كثيرة مشابهة لها وقعت في عواصم الدول الأوروبية وأمريكا، وحوادث كثيرة شنيعة لإعلاميين وسياسيين وقعت على الأراضي التركية ذاتها قبل حادثة الخاشقجي. كان الضحايا الذين اغتيلوا في تلك العواصم وفي مدن تركية؛ يمثلون كتلاً سياسية وحزبية وإعلامية، من الأتراك ومن إيران وروسيا والعرب وخلافهم. هذه الاغتيالات والجرائم البشعة؛ لم تحرك ساكنًا في ضمائر رؤساء دول وأعضاء جماعات وأحزاب سياسية وكتل برلمانية، ولم نسمع صوتًا لمنظمات حقوقية وإنسانية وإعلامية؛ حتى جاءت هذه القضية (الخاشقجية)، التي تولاها الإعلام المأجور أولاً، وتبناها الساسة المزايدون ثانيًا، وأسهم في إضرام نارها سعوديون مارقون، مندسون هنا وهناك باسم المعارضة في الخارج، وموّلها المال القطري السائب في كل الجهات.
* لن يصدق عاقل؛ أن الهجمة الإعلامية التي تتعرض لها بلادنا على خلفية هذه الحادثة؛ عفوية، أو لله ولضمير الإنسانية، ولروح (الفقيد خاشقجي)..! الأموال القطرية القذرة، وعداوات ذوي القربى المريرة، والنفوس الإعلامية الرخيصة، والمزايدات السياسية الغربية.. حزبية وبرلمانية وخلافه، يضاف إلى ذلك خيانات أفراد محسوبين على المملكة. الكل يبحث عن حصة من كعكة المرحوم بأيّ شكل كان.. النتيجة، أن بلادنا أصبحت هدفًا للتحريض والتشويش والتشويه، ورميها بكل ما هو فيها أو ما ليس فيها.
* أين إعلام المملكة العربية السعودية، الذي يتصدى لهذا السيل الجارف من الأحساد والأحقاد والدسائس والتحريض؛ الذي لم نعرف له مثيلاً من قبل..؟.
* كثير من الغيورين على وطنهم ومجتمعهم ودولتهم الفتية؛ يسألون هذا السؤال اليوم.. يسألون عن إعلام مبادرة ومواجهة، لا إعلام ردات فعل. إعلام يملك أذرعة صلبة، تتجاوز أرض الجدود عبر الحدود؛ إلى آفاق القارات التي تنطلق منها حملات الزيف والكذب والتحريض، فتقارعها وتصارعها، وتقف منها موقف الند.
* أتذكر جيدًا؛ أن وزارة الثقافة والإعلام؛ كان لديها قبل عشر سنوات؛ حملة وطنية لافتة تحت شعار: (لا تساوم على وطنك).. كانت تسعى للتصدي للسموم والأكاذيب واستغلال اسم المملكة. بدأت الحملة يوم السبت 1 رمضان 1430هـ وشرعت في تنفيذ خطتها عبر تسع لجان. هدفت الحملة إلى الوصول إلى جملة أهداف، أهمها: إطلاق موقع للحملة، ومتابعة ما ينشر من تقارير عن المملكة سلباً وإيجاباً، والتعامل معه بما يتطابق مع الواقع، إضافة إلى استقطاب الأكاديميين والمختصين في الهيئات العلمية، لتزويد الحملة بنماذج مشرقة؛ تدحض زيف وسائل الإعلام، وأيضاً مخاطبة معالي وزير الثقافة والإعلام؛ للمطالبة بتطبيق وثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية، ومخاطبة ملاك القنوات الفضائية من السعوديين، ومطالبتهم بتطبيق ما جاء في وثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية، إضافة إلى الالتقاء برجال الأعمال، وحثهم على الدفاع عن سمعة المجتمع السعودي، ضد ما يثار عبر توجيه الدعم والاستثمار لما فيه مصلحة البلد. وكانت الحملة وقت ذاك؛ قد انتهت من تشكيل فريق قانوني للدعم والاستشارة القانونية تجاه أي مخالفات إعلامية، ونشر وقتها؛ أن حملة: (لا تساوم على وطنك)؛ نالت تأييد آلاف المواطنين في شهر واحد، وأنها اجتذبت المجتمع السعودي بجميع أطيافه وفئاته، وساهم في انتشارها وتفاعلها؛ وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وكُتّاب الرأي في الصحف، إضافة إلى النشر المكثف للمواقع الإخبارية والتفاعلية، وأيضاً اهتمامات وسائل الإعلام الخليجية والعربية والأجنبية، حيث حظيت بأصداء واسعة. وبادرت وزارة الثقافة والإعلام؛ انطلاقًا من هذه الحملة الوطنية؛ بغلق مكتبين يخصان إحدى القنوات التي أساءت إلى الشعب السعودي، ما أسهم في إحداث حراك اجتماعي كبير للتصدي لما يسيء للوطن.
* لا تساوم على وطنك.. كانت فرصة كبيرة أو آنذاك؛ لتبيان الرفض الشعبي والإعلامي لما يبث من معلومات مغلوطة عن السعودية، أو تضخيم بعض التصرفات الفردية، والتعامل معها على أنها ظاهرة. وحظي خبر انطلاق الحملة في حينه؛ بانتشار إعلامي واسع، وكانت الحملة قد شرعت منذ اليوم الأول؛ على الرصد والدعم الإعلامي، والحشد الجماهيري، وتركزت رؤيتها في إبراز الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
* ما فعل الله بهذه الحملة فيما بعد..؟.
* هل حققت نجاحات يُعتد بها ويبنى عليها في ظرفنا الحالي..؟ هل من المفيد إحياؤها من جديد..؟ سؤال من أسئلة كثيرة.
* من المؤكد؛ أن المملكة -وعبر كل مؤسساتها السياسية والإعلامية وغيرها ومنذ أمد بعيد- تدرك تمامًا مكائد ومصائد أعدائها من قرُب منهم ومن بعُد، وما نتعرض له اليوم من ترصد وكيد، مدعاة لمراجعة السياسة الإعلامية في الداخل والخارج، فتقوّى، وتُدعم الصحف الورقية، والقنوات والمنصات الإعلامية كافة، ويُعمد إلى قيام ونشر أذرعة ومنصات إعلامية موجهة للخارج باللغات الحية، وخاصة في مقار المنصات المعادية، تلفزية وصحافية وغيرها.
* إننا جميعًا ننتمي إلى وطننا (السعودية)، مثلما ننتمي إلى أمهاتنا. فلا مساومة على الوطن.
* نعم نفدي وطننا (السعودية) بدمائنا، ونموت من أجله، ولكن الأجمل أن نحيا من أجله.. لا مساومة على الوطن.
* الكل منا قد يغادر وطنه (السعودية) ذات يوم بأقدامه، لكن قلوبنا تظل مقيمة فيه. إذن.. لا مساومة على الوطن.