ياسر صالح البهيجان
الدفاع عن الوطن يظل سلوكًا فطريا وعفويًا غير قابل للتوجيه أو التعبئة، ولا يمكن لأي جهة سواءً أكانت حكومية أو خاصة أن تصنع مسارا يلتزم فيه كل مدافع عن الوطن، إذ أن لكل مواطن ثقافته وطريقة تفكيره وزاوية نظره.
تعددية طرق الدفاع محمودة والمجتمع كفيل بتقويم ما شذ منها، وأسلوب المدافعة ليس موقفا رسميا يمثل الحكومة وإنما هو تعبير فردي ينطلق من إحساس الإنسان بمسؤوليته تجاه الوطن والقيادة والشعب، وقبلهما مقدساته المتمثلة بالحرمين الشريفين.
ثمة من يتعاطى مع المواقف الشعبية إزاء القضايا الوطنية بعقلية التنظيمات والأحزاب، ويطالب بتلقين المجتمع وإلزامه بالسير وفق خطوط مرسومة سلفا، وهذا أمر قد يجدي نفعا مع حزب لا يتجاوز عدده عشرات الآلاف، ولكن الأوطان المليونية غير قابلة لهذا النوع من التحجيم والحد من حريات التعبير وتحديدا النبيل منها ولعل أسماها الدفاع عن الوطن.
ولكل آليات دفاع عن الوطن طرقها وأساليبها، فالدفاع المسلح يتطلب التنظيم والتطوير والتخطيط الاستراتيجي، والأمر ليس كذلك بالنسبة للدفاع بالموقف والكلمة على المستوى الشعبي، حيث تطغى الغاية والهدف على الطريقة والأسلوب، ويتلاشى مفهوم النخبة ببعده الأكاديمي والمنهجي مقابل بروز الشعبوي بعفويته وبساطته، وهو أقرب ما يكون إلى فكرة المواطنة التي لا تُمنح بموجب تأهيلي علمي أو ثقافة رفيعة بقدر ما هي حق مكتسب لكل من يحمل سمات الحب والوفاء لوطنه.
لذا نقول للمتحذلقين والمنظرين، دعوا الشارع يعبر بما يشاء، ويواجه الهجمات الشرسة ضد وطنه بالطريقة التي يراها مناسبة. عفويتهم أشد أثرًا من أساليب أتباع مدرسة التلقين والإعداد المسبق. نحن في فضاء مفتوح من سماته التنوع والتعدد، وما أجملهما عندما يتشكلان على هيئة سد منيع تتكسر حول أسواره أمواج الحملات الشرسة الطامعة بوطننا والمبتزة له.