تعد السياحة اليوم صناعة عالمية كبيرة تمثل نحو 10 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، وهي عامل مهم في تحقيق الاستقرار في ميزان مدفوعات الدول، وتتمثل فائدتها الرئيسة في تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة أعداد فرص العمل في الوجهات السياحية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتحديداً في شركات مقدمي البرامج السياحية في المناطق - الوجهات التي يزورها السياح، حيث تنتقل نسب كبيرة من السكان المحليين من فئة الفقر إلى فئة ذي الدخل المتوسط، بسبب توفر تلك الوظائف، كما أن هناك حاجة ملحة إلى توفير فرص اقتصادية، لا سيما في أكثر المناطق ضعفاً.
يشير مصطلح «وجهة» على نطاق واسع إلى منطقة تعد السياحة فيها نشاطًا مهمًا نسبيًا، حيث قد يتأثر الاقتصاد بشكل كبير بإيرادات السياحة. إن إدارة الوجهة معقدة بسبب حقيقة أن وجهة واحدة يمكن التعرف عليها قد تشمل عدة بلديات أو مقاطعات أو كيانات حكومية أخرى - وفي الوجهات الجزرية قد تكون الدولة بأكملها.
يجب أن تكون كل وجهة سياحية عنصراً داعماً لنظام السياحة في أي دولة، وقادرة على الاستجابة بنجاح لتحديات البيئة السياحية واحتياجات ورغبات المتعاملين الاستهلاكيين المعاصرين. ولكي تتمكن الوجهة السياحية من الاستجابة بنجاح لاحتياجات السوق السياحية الحديثة، من الضروري إنشاء وتنظيم إدارة فاعلة للمقاصد/ الوجهات مع إيجاد سياسة سياحية محددة تربط جميع الكيانات السياحية بنجاح بهدف تحسين وتطوير السياحة في الوجهات.
ولقطاع السياحة الدور الكبير في توظيف شريحة كبيرة من الناس في الوظائف الماهرة وذات المهارات المنخفضة. ومع ذلك، لكي تكون التنمية السياحية شاملة، يلزم اتباع نهج جديد في أساليب التشغيل وفي العلاقات بين الوجهات؛ يركز على الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية، ويتوافق مع مبادرات أخرى تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية والثقافية، وكذلك التحول الذكي.
تتمثل إحدى أبرز مزايا الأنشطة السياحية داخل الوجهة في الوظائف المرتبطة بالإدارة المباشرة للفنادق والمطاعم والمتاجر ووسائل النقل، وإيجاد أي فرص عمل جديدة ناتجة عن تطوير وجهة سياحية يؤدي إلى زيادة مستوى المعيشة بين السكان المحليين، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة في الإنفاق الاستهلاكي.
إن قدرة القطاع السياحي على توليد النمو الاقتصادي واضحة؛ كونه قطاعاً متنامياً في الاقتصادات الناشئة ويمكن أن يكون له تأثير كبير على الاقتصادات المحلية كقوة اقتصادية ومولد لفرص العمل.
وحسب منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية، ينبغي للسياحة، وهي نشاط أساس في الاقتصاد العالمي، أن تساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) لعام 2030م بصفتها أداة للابتكار والتنمية الاجتماعية.
وفي هذا السياق، تمهد الوجهات الذكية الطريق لتطوير خدمات جديدة في مجال السياحة. ويستند المفهوم «الذكي» إلى النشر المكثف للبنى التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، فضلاً عن انتشار تقنية الهاتف المحمول وتطبيقاته.
ومع ذلك، فإن الوجهة ليست ذكية لأنها تستخدم التقنية بشكل مكثف. إنها ذكية لأنها تستخدم التقنية أيضًا من أجل الحصول على فهم أعمق لاحتياجات السياحة/ الزوار، حيث يتم توظيف المعرفة في تمكين المؤسسات والصناعات المحلية لإنشاء سياسات قائمة على المعرفة وخدمات متنقلة متطورة للزوار والسياح.
وحسب البنك الدولي، فإن النمو وحده لا يكفي. هناك مسؤولية تقع على عاتق الوجهات وأصحاب المصلحة من أجل ضمان الإدارة الجيدة لهذا النمو، وأن المنافع تتزايد؛ وأنه يتم الحد من أي عوامل خارجية سلبية. كل ذلك يتطلب التخطيط المستمر والتطور الإداري الذي يمكن قياسه عبر الزمن.
ووفقًا لمجموعة العمل التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية المعنية بإدارة الوجهات السياحية، فإن وجهة السياحة المحلية هي مساحة فعلية يقضي فيها الزائر ليلة واحدة على الأقل. وتشمل المنتجات السياحية مثل خدمات الدعم وأماكن الجذب السياحي، وموارد السياحة، ولديها حدود مادية وإدارية تحدد قدرتها التنافسية في السوق. وتضم الوجهات المحلية العديد من أصحاب المصلحة في كثير من الأحيان بما في ذلك المجتمع المضيف، ويمكنهم التداخل والتواصل لتشكيل وجهات أكبر.
إن الوجهة السياحية، التي تلبي تلبية احتياجات المسافرين والزوار والسياح، هي جوهر النظام السياحي.
** **
بسمة عبدالعزيز الميمان - متخصصة في العلاقات والمنظمات الدولية - مجال السياحة التراث