محمد آل الشيخ
راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس؛ هذا الرجل سبق أن أنقذته المملكة في عهد الرئيس أبورقيبة من حبل المشنقة باعتراف نائبه في حركة النهضة، غير أن الإخونجي رجل يشرب الغدر والخيانة والنكران منذ نعومة أظفاره في محاضن الجماعة؛ قَلب لنا هذا الغدار ظهر المجن، ووقف مع جماعته في محاولتهم المستميتة لإلحاق المملكة بسوريا وليبيا واليمن، الأمر الذي يؤكد أن التأسلم السياسي بكل أنواعه وأشكاله وألوانه هو مجرد وسيلة يستثمرها هؤلاء الانتهازيون المتأسلمون لإثارة الفتن متى ما وجدوا الفرصة سانحة لإثارتها، وليس في قواميسهم مفردة تعني (الوفاء) ورد الجميل.
غير أن الذي فات على أولئك الذين يتكسبون ببيع آخرتهم بدنياهم أن المملكة بتاريخها والتفاف شعبها على قيادتها، ليست بهشاشة تونس، ولا ليبيا، ولا سوريا، وهو ما لم يدركه هؤلاء الخونة الأفاكون؛ حاربها قبل الإخونج كثيرون، وعملوا على إسقاطها، فتصدى لهم شعبها قبل قادتها، وأفشلوا كل مخططاتهم الدنيئة، والنتيجة أنهم ذهبوا وبقيت المملكة.
لكن المهم الآن أن نستوعب الدرس استيعابًا تامًا، وأن نواجه هؤلاء الأعداء المتلبسين بلباس الإسلام، بعزيمة لا تعرف اليأس، وإصرار لا يعرف التردد، فلا ننخدع بهم ولا بتلبسهم لباس الأخوة والشعارات الفارغة الرنانة، فهذا الغنوشي هو وأمثاله يستغل عقيدة المسلمين، وعواطفهم الدينية لتحقيق مآربهم الدنيوية، ورفعوا شعارهم القديم الجديد (لا حكم إلا لله) في حين أن الهدف والغاية كانت الوصول إلى السلطة.
وليس لدي أدنى شك أن جماعة النهضة المتأخونة وزعيمها الغنوشي سينكشفون، مهما تلونوا، وارتدوا لباس المدنية، لأن حركتهم تؤمن في منطلقاتها بالانتماء للأمة، قبل الوطن؛ فالكيان التونسي في أيديولوجيتهم السياسية، وهدفهم الذي يسعون إليه، هو مجرد (قُطر) من أقطار الأمة، يجب أن يذوب ويتلاشى في كيانها، وهذه الأمة في قواميسهم تمتد جغرافيتها من جاكرتا إلى طنجة؛ وفي سبيل هذه الغاية التي تسموا وتعلوا على كل الغايات، يعمل الأخونج التي تنتمي إليهم حركة الغنوشي، ويستخدمون لتحقيق هذا الهدف كل الوسائل، بما فيها العنف والإرهاب؛ وأكاد أجزم أن ثمة تنظيمًا سريًا خفيًا وغير معلن، له صلة بشكل أو بآخر بعمليات الإرهاب التي انتشرت في تونس بعد الثورة، وآخرها تلك الفتاة الانتحارية التي فجرت نفسها قبل أيام في شارع الحبيب أبورقيبة في تونس العاصمة؛ ولو كان ثمة جهاز أمني مستقل لكشف للتونسيين هذا التنظيم الخاص، الذي يوجهه، ويوجه عملياته الإرهابية حزب النهضة.
ومن يقرأ أدبيات هذه الجماعة وتاريخهم منذ أن بدؤوا في مصر يجد أنها وجميع كوادرها، وإن أخفوا نواياهم الحقيقية، هم والإرهاب صنوان.
ويبدو أن حزب (نداء تونس) الوطني، ومعه بعض الأحزاب ذات التوجه اليساري، قد أدركوا هذه الحقيقة، ولديهم من الوثائق ما أكد لهم ضلوعها في الإرهاب، لذلك فسخ الرئيس الباجي قائد السبسي تحالفه معها، وأعلن عن مقاطعتهم، مما يضع كثيرًا من النقاط على الحروف، ويفسر دوافع هذه القطيعة.
وللتونسيين أقول: الإسلام دين، ومن يمحوره ليمتطيه لخدمة أغراضه السياسية الدنيوية، فلا بد أن ينكشف طال الزمان أو قصر.
إلى اللقاء