فيصل خالد الخديدي
الحرف له سحره وجماله وله دلالته اللفظية وقيمه العددية وله صوره وتصوراته, الشكل منه يغري في التحرر من الدلالة والمعنى، ويذهب بعيداً بصورته عن مدلولاته، وقلة من يجيد التعامل مع شكل الحرف في منأى عن دلالته اللفظية أو يجرده من معناه ويكتفي بشكله ومبناه، والتشكيل بالحرف والكلمات شكل من أشكال فن التيبوغراف Typography والذي تعود أصوله وظهوره الأولي وتطويره في سويسرا عام 1950م, وحروف اللغة العربية أكثر جمالاً ومرونةً في التعامل معها والتشكيل بها، ولكنها أكثر قاعدية وتعقيداً وحساسية في التعاطي مع شكلها وبنيتها الصورية, والتشكيل بالحروف العربية يتطلب إتقاناً لشكل الحرف ورسمه قاعدياً وتوظيفه في انحناءات وثنايا الشكل المرسوم، ومن المميزين في التعامل مع شكل الحرف ورسم الأشكال العضوية والطبيعية بالحروف العربية يأتي الفنان محمد شراحيلي وهو من فناني الجيل الثاني في الساحة التشكيلية السعودية ويتميز بنشاطه الدائم ومشاركاته المتعددة والتي أتقن فيها التعاطي مع عمله التشكيلي بمرونة وتكامل بين الشكل والحرف واللون، فحضور الحرف العربي في أعمال شراحيلي بشكله القاعدي المتقن إلى حد كبير لم يثنِه عن رسم أشكاله من خيول ووجوه وعناصر وزخارف وأزياء شعبية ومباني تراثية ومواضيع إنسانية منوعة أخرى وصياغتها بالحرف العربي دون تكلف أو نشاز في ظهورها أو اختلال في الموضوع المرسوم أو في الحروف المشكلة به الأشكال المرسومة فمهارة الفنان وإتقانه للحرف العربي من جهة وللرسم والنقل الواقعي من جهة أخرى أعطته القدرة في المزج بينهما ورسم الأشكال بالحرف وحتى خلفيات أعماله دخل الحرف فيها بتمكن، أما اللون في أعمال شراحيلي فكان إضافة حيوية متوافقة مع المواضيع ومع الأشكال في أعماله ويظهر عليه التأثر بالبيئة الجنوبية وحيوية ألوانها وتعددها في تباينات لونية استطاع بحساسيته اللونية أن يصيغها في توليفة لونية مكملة لحركة الأشكال المرسومة والخطوط الإيهامية الفاصلة بين عائلات اللون بأعماله، إن بساطة طرح الفنان لفكرة أعماله وعمق تقنياته وتمكنه مهارياً في التعامل مع الحرف والخروج بأشكال متقنة الرسم والتشكيل بالحرف يشي بقدرات فنان متفرد على قدر كبير من الإتقان والمهارة في الرسم والتشكيل بالحرف.