محمد المنيف
لفت نظري مجموعة من الأطفال يزورون متحف شيكاغو للفنون، جاءوا مع أهاليهم بتنظيم منسق لا أعلم الجهة المنظمة لهم لكنهم يحملون كراسات الرسم والألوان، رأيتهم وقد توزعوا في أركان جناح الفنون الحديثة في المتحف، ثم شاهدتهم في أحد المعارض الأخرى التي تظهر أنها وقتية كما تسمى بالزائرة.
أولئك الأطفال لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة نزولاً إلى السابعة، اختار كل منهم اللوحة التي أعجبته وجلسوا على الأرض يرسمون ويتلقون الإشادة من الزوار.. دفعني الفضول إلى أن أسأل أحد أولياء الأمور الذي رحب وأجاب بأن الأطفال يؤخذون بجولة في المعرض قبل أن يتركوا ليختار كل منهم ما يريد تقليده ورسمه من لوحات كبار الفنانين، مثل بيكاسو وسلفادور ورينوار وغيرهم التي تزين هذا الجناح للفن الحديث دون تدخل من أحد ثم تطرح اللوحات للتحكيم.
هذا المشهد أعادني للوطن ولتساؤل حول إمكانية القيام بمثل هذه التجربة للموهوبين من طلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة عند إقامة معارض الفنانين الرسمية أو التي تقيمها صالات العرض (الجاليري)، لتضيف إلى دورها دور تثقيفي للمواهب نظري وعملي إضافة إلى إمكانية وضع صيغة ومعايير تحكيم للزوار الأكبر سنا، لتقييم لوحات المعرض تقييما حيا ومباشرا عكس ما يتم عبر صفحات الانترنت على صور تظهر فيها اللوحة ميتة لا روح لها.
أننا في حاجة ماسة لتغيير نمط العرض الذي لا يبقى مع جمهور حضور الافتتاح سوى قلة قليلة في الأيام التالية، والبحث عن أسباب هذا الغياب خصوصاً في هذه المرحلة التي انتشرت فيها سبل التواصل لإيصال الدعوات لأكبر شريحة من الناس.
أجزم أن في وجود برامج رافدة للعرض إضافة إلى ما يتم من محاضرات أو أمسيات يشل الكثير منها بسبب سواء اختيار المحاضرين أو المشاركين في الأمسيات، إما لتكرار حضورهم في مناسبات مماثلة لم يجد فيهم الجمهور ما يتعطشون إليه أو لعناوين تلك المحاضرات أو محاور الندوات التي لا تشكل شيئا من هموم التشكيليين.
لهذا أعتقد أن في وجود مثل تجربة مسابقات المواهب لرسم ما يتذوقونه من أعمال في المعارض خطوة ذات وجهين كلاهما جميل بأن نكسبهم معرفة تجارب الكبار وكذا حضور أولياء أمورهم وأقاربهم لبناء جيل أسري لزيارة المعارض.