لندن - «الجزيرة» متابعة - محمد المنيف:
افتتح في العاصمة البريطانية لندن المعرض التشكيلي الأول للفنان البحريني راشد بن خليفة آل خليفة الذي يعتبر أحد أهم رواد الحركة الفنية المعاصرة في مملكة البحرين، وذلك في واحدة من أعرق صالات العرض الفنية في لندن وأكثرها اهتماماً بالحركة الفنية الدولية، حيث استضافت صالة ساجي في قاعتين كبيرتين ضمن المقر الرئيسي لمبنى دوق يورك عدداً من الأعمال الفنية المستوحاة من التراث العربي الأصيل الذي استطاع الفنان التشكيلي راشد بن خليفة تجسيد بعض أفكاره والتعبير عنها ببراعة من خلال عشرة أعمال مجسمة برع في تقديمها في عدة أشكال فنيّة مُستقاة من مضمون واحد متمثل في فكرة «المشربية».
ومن المعروف عن «المشربية» في الهندسة المعمارية القديمة أنها تستخدم لعدة أغراض، علاوة على شكلها الجمالي المحفور في الخشب ونقوشها الزخرفية، فقد كانت تساهم في التخفيف من حدة الضوء الداخل إلى المنزل وتسمح بمرور شيء من الريح لتلطيف الجو خصوصاً في البيئة العربية الحارة، كما أنها توفر نوعاً من الخصوصية لسكان المنزل، حيث إنها تتيح الرؤية من الداخل فيما تحجبها من الخارج، وقد وجد الفنان البحريني راشد بن خليفة في هذا العنصر الهندسي والذي شهدته الحضارة العربية منذ زمن بعيد، أفقاً واسعاً وبعداً عميقاً أتاح له رحابة التعبير في عمله الفني والإبداع فيه من خلال الجمع بين عدد من المفارقات الصارخة المتمثلة في الضوء والظل، والظاهر والباطن، وكذلك بين ما هو واقع قائم وما هو فقط من نسج الخيال. الأمر الذي يعكس قدرة الفنان على تجسيد استيعابه لعدة مفاهيم مزدوجة في آن واحد.
الشيخ راشد يتحدث للصفحة
وفي حديث خصّ به صحيغة «الجزيرة»، قال الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة أن إقامة هذا المعرض في العاصمة البريطانية يأتي إيماناً منه بأهمية التواصل ومد الجسور مع الجانب الأوروبي من خلال لغة الفن والثقافة التي قد تكون أقوى تأثيراً وأكثر إيجابية في توضيح المفاهيم وإيصال الصورة. وأعرب الفنان عن شكره الكبير للحضور وللقائمين على المعرض في صالة ساجي بلندن لاستضافتهم للمعرض وحسن التعاون والتنسيق للعمل على إنجازه وإبرازه في مثل هذه الصورة المشرفة للفن العربي والجديرة بتمثيل مملكة البحرين في الخارج.
وعن رمزية عنوان المعرض قال سموه: يأخذ المعرض اسم Penumbra أي الضوء الخفيف لاعتماده على مفهوم الضوء والظل، حيث يجسد العرض فكرة البحر، حيث يمكنك أن ترى الصورة ولكنك ترى جزءاً منها فقط، فيمكنك رؤية جزء من العمل ولا يمكنك أن ترى كامل المشهد، كالبحر المتواري كلما ابتعد.
وعما يحاول نقله بشكل نظري ضمن أعماله؟ قال سموه: نعم بكل تأكيد، حيث تشير أعمالي ضمن إحدى الدلالات إلى الصورة الدارجة في تراث المنطقة التي تدعى «المشربية». الفاصل الذي يقسم الغرف أو النوافذ بشكل هندسي وجمالي، ويستخدم في الداخل والخارج لخلق جو من الخصوصية والحماية من أشعة الشمس.
وعن جانب التجريب في كل أعماله الفنية، قال سموه: نعم، فحياتنا هي عبارة عن تجارب نعيشها كل يوم. ما أنجزه اليوم ربما لا يكون ما أعمله بعد خمس سنوات من الآن. فهنالك استمرارية تبدأ من دون نهاية ولكنها لن تكون ذات التجربة. فالفن يعبر عن حراك مستمر.
آراء وانطباعات
وفي تعليقات حول المعرض قالت ليندسي هول، اللورد وعمدة مدينة ويستمينستر: من المفهوم حتى التنفيذ، شكل العمل الفني نقلة سريعة. فتوفير مساحة ممتازة لعرض هذه الأعمال خلال هذا الوقت المزدحم على الأجندة الفنية هنا، حيث يتوافد الزوار من عالم الفنون. تحضر العديد من الصالات الفنية، وهذه الصالة هي إحدى أرقى الصالات الفنية. انظري إلى هذه الألوان والأشكال إنها أعمال رائعة حقاً.
الصحفية لارا براون المختصة في الفنون تقول: أعتقد أن هذا المعرض رائع ومبهر حقاً. فالطريقة التي تم تنظيم الأعمال فيها طريقة حساسة راعت طبيعة العمل الفني باحتراف، فمن غير المعهود أن تتمكن من المشي داخل أي عمل فني. عندما رأيت هذا العمل التركيبي لأول مرة لم يخطر ببالي أنه يمكنني المشي خلاله واعتقدت أننا سنتجول حوله، ولكن الدخول في العمل الفني شيء مبهر حقاً على مستوى آخر.