أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تحذيرات كثيرة صدرت عن جهات مسؤولة تحذر من التسويق الشبكي، على اختلاف أنواعه، بدءاً من عمليات الاستثمار التجاري، ومضاعفة الأموال، والقبول في الجامعات، والحصول على الدورات المتخصصة، وتأشيرات الهجرة، والأعمال المالية الكبرى عبر الإنترنت، ويقف خلف هذه الجهات نصابون محترفون، يستطيعون بمهنية، ومهارة عالية، لإيقاع الطرف الآخر في شباكهم وبطرق مختلفة، ولا يملون من متابعتك، والتأثير عليك عبر إغراءات عديدة.
وتستغرب إن بعض مراسلاتهم تتم عبر بريدك الإلكتروني، أو جوالك الخاص، أو عناوين المؤسسة أو الشركة التي تملكها، وقد يصدقون معك في المرة الأولى، ويخدعوك في المرة الثانية، ولهذا هناك تنافس شديد بينهم، وعمليات إغراق بالمعلومات والاتصالات، وقد يفوتك أن هذه الجهات غير حقيقية، وعندما تتحقق منهم عبر وسائل الاتصال الإلكتروني تجدهم غير مسجلين رسمياً وأنهم جهات وهمية، ومعظم ضحاياهم من الشباب.
فالإصرار على دعوتك للتعرف على المنتجات، وتجربتها في منزلك أو مكتبك، هي جزء من عملية الاتصال، والإيقاع أيضاً، فهم متدربون على عمليات التأثير والخداع، وأيضاً الترويج لسلع أخرى ممنوعة، وعليه فالتسويق الشبكي أغلبه تدليس وخداع، وكذب على العملاء، لأن الشركة لا تعرف عملائها، ولا تستطيع متابعتهم وتقييم تعاملاتهم، وبذلك يصبح الأغلب من أعمالهم النصب والاحتيال، لأنه تسويق وهمي.
وله أضرار، ومخاطر اقتصادية على الوطن والمواطن، وهم في الأغلب يستهدفون شريحتين الأولى من ذوي الدخل العالي ممن يرضي غرورهم الكلام الإيجابي، وتؤثر فيه لغة علم النفس التسويقي والثانية من الشباب المغرر بهم، وقد يقوم المسوق بجمع معلومات مسبقة عن الزبون، سواء كان ذلك من موظفي العمل، أو الأصدقاء والجيران، أو من الإنترنت، وهم يعملون بذكاء على توظيف هذه المعلومات لصالحهم.
فالمخادع والكذاب لن يلتزم بقانون، أو نظام معين، فهو شخص لا يقر بالأنظمة والقانون، ولا الصدق، والوضوح والشفافية، بل إن طريقة عمله هي في كيفية تجاوز القانون عبر التأثير عليك وإقناعك فهدفهم الرئيس المال فقط، وهناك احتمال كبير بأن تكون هذه الفئة مخترقة، وذات أجندة أو تبيع هذه المعلومات التي بحوزتها لآخرين، حيث تم ضبط بعض منهم، وبياناتهم، وتم إحالتهم إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية ضدهم، كما قامت وزارة التجارة بالتعاون مع الجهات الأمنية بمداهمة مواقع بعض منهم في مكة، والرياض ونجران.
وتفخر المملكة لكونها من أول الدول التي منعت أنشطة هذه الشركات الوهمية التي تعتمد على التسويق الشبكي، وحظر التعامل معهم، وهو ما دفعهم لتغيير اسمهم أكثر من مرة للتحايل على المواطنين، وبيعهم منتجات، وخدمات بأسعار عالية جدا بعد إيهام المشتري بانه سيحقق أرباحاً وعمولات مجزية، وتشجيعه بالمال ليصل إلى عملاء آخرين.
ويعد هذا النشاط ممنوعاً في المملكة بموجب القرار الوزاري الصادر من وزارة التجارة، والذي نص على منع التسويق الشبكي أو الإعلان عنه، أو الترويج له بأي وسيلة كانت، لذا يفترض محاكمة من يعمل فيه، والتشهير بهم في الصحف، لأنهم يعتبرون مجرمين، ومتلاعبين بعقول الناس وسرقة أموالهم بدون وجه حق، ويجب معاقبتهم بأشد العقوبات لأن الغش والتدليس، والاحتيال على المواطن، يعد جريمة يحاسب عليها القانون.
** **
مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية