زكية إبراهيم الحجي
يمر على الزمان أناسٌ لابد أن يقف التاريخ عند عطائهم إجلالاً واحتراماً.. نظير ما قدموه لهذا الوطن من اسهامات ومنجزات تُبْقي أسماءهم خالدة في ذاكرة الأجيال.. أناس غادروا بأجسادهم لكنهم يعيشون في القلوب، بصمات خدماتهم الجليلة عالقة في الأذهان لا يطمسها النسيان.. رحم الله من توفي وأطال الله عمر من هو على قيد الحياة.
في بادرة استثنائية ومميزة وفي ملتقى الشيخ عبدالله بن محمد أبا بطين بمحافظة المجمعة وبتاريخ 17/2/1400 كان يوماً بهيجاً مطرزاً بلمسات الوفاء.. ومناسبة احتفالية من احتفاليات التكريم والاحتفاء والاعتراف بالجميل.. فقد تم تكريم أوائل مدراء المدارس الابتدائية النظامية ورواد التعليم بإقليم سدير في احتفال أقامه أعضاء مجلس سدير بمحافظة المجمعة وذلك نظير ما أسدوه بروح المسئولية من خدمات سامية للمنظومة التعليمية.. فحُق لهم أن يُتوجوا بكل جميل صنعوه وأن يشار إليهم بالبنان وأن يحتذى بهم بين العموم.
في ملتقى الشيخ عبدالله بن محمد أبا بطين وبإشراف مباشر ومميز من الأستاذ محمد عبدالله أبا بطين استذكر الحاضرون وأبناء وأحفاد ممن كُرِموا السيرة الذاتية لهذه القامات التعليمية مروراً بمنجزاتهم التي كانت قفزة في مسيرة التعليم رأينا انعكاساتها جلية على كل من تعلم وتخرج خلال تلك الفترة وأخذ يشارك في بناء الوطن.. وأكاد أجزم أن تلك الفترة كانت فترة وضاءة في مسيرة التعليم.
فمن منا لا يتذكر المربي الفاضل الشيخ عثمان الصالح أبرز الرواد الأوائل في حركة مسيرة التعليم.. رجل من الرعيل الأول الذين قامت على أكتافهم دعائم التعليم في المملكة العربية السعودية.. بصمات عطائه لازالت عالقة في أذهان طلابه وكثير منهم تقلد مناصب مهمة في الدولة.. كان مديراً لمعهد الأنجال بفرعيه البنين والبنات قبل أن يتحول اسمه إلى معهد العاصمة النموذجي مع استمرار إدارته له.. ومن منا لا يتذكر الدكتور محمد الأحمد الرشيد وزير التربية والتعليم السابق الذي عمل أستاذاً وعميداً لكلية التربية جامعة الملك سعود قبل أن يصبح وزيراً للتربية والتعليم.. عُرِف عن الدكتور محمد الرشيد أنه كان وطنياً حتى النخاع كان باحثاً مجتهداً وإن كان البعض قد اختلف معه حول اجتهاداته لكنهم لم يختلفوا حول وطنيته وإخلاصه وحبه لمهنته.. ومن الثوابت والمفاهيم التي أضافها أثناء عمله في الوزارة «المعلم صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب وظيفة» أيضاً «أول ما يجب أن نعلمه للطلاب والطالبات هو كيف يتعلمون وكيف يستثمرون في التعليم وكيف يفكرون وكيف يستنتجون.. فلا تعطني سمكة وإنما علمني كيف أصطاد».
من منا لا يتذكر ذلك المربي الذي اقتحم خندق الأمية طامحاً ومنافساً ومتجاوزاً كل المعوقات بالصبر والعزيمة فحقق كثيراً من طموحاته بالحكمة والتواضع والنبل.. من منا لا يتذكر الشيخ إبراهيم بن محمد الحجي الذي ارتقى سلم التعليم خطوة بخطوة حتى أصبح وكيلاً لوزارة المعارف للشئون الثقافية «التعليم حالياً» إبراهيم الحجي علم من أعلام التربية والتعليم في المملكة سعى لإدخال التعليم المهني إلى المدارس فتم إنشاء معهد للتعليم المهني في الرياض.. وشارك الشيخ إبراهيم الحجي وكيل وزارة المعارف في صياغة أفكار وتدوين وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية بإشراف ومشاركة المفكر حسن بن عبدالله آل الشيخ الذي كان وزيراً للمعارف والشيخ ناصر بن حمد الراشد الذي كان رئيساً لتعليم البنات ومعالي الشيخ صالح الحصين وقبل إقرارها من مجلس الوزراء وبأمر من الملك فيصل رحمهم الله جميعاً عُرِضت على سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.. غيض من فيض من إنجازات وجهود عظيمة ميزت تلك الفترة وكانت بصمة شاهدة لأولئك القامات التعليمية التربوية رحمهم الله جميعاً.
لمسة الوفاء التي تجسدت باحتفاء وتكريم أوائل مدراء المدارس الابتدائية النظامية بمحافظة المجمعة وكذلك رواد التعليم في ملتقى عبدالله بن محمد أبا بطين بادرة جميلة.. ورغم أنها أثارت فينا الشجون والحنين لآبائنا إلا أنها بحق استثنائية ومتميزة.. باسمي واسم أبناء وأحفاد المُكَرَمين أوجه الشكر والتقدير لجميع أعضاء مجلس سدير بمحافظة المجمعة والشكر موصول للشيخ عبدالله بن محمد أبا بطين المشرف العام على مجلس سدير.. ولا يفوتني أن أقدم الشكر والتقدير للأستاذ محمد بن عبدالله أبا بطين الذي بذل جهداً مضاعفاً في جمع المعلومات وإعداد الكتيبات وإدارة حفل التكريم.