أ.د.عثمان بن صالح العامر
يذكر المؤرخون أن المؤسس الباني لهذا الكيان العزيز المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فتح حائل في التاسع والعشرين من شهر صفر عام أربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، وكان ينعت حينها بسلطان نجد، وبعيداً عن تقليب صفحات التاريخ، وقراءة أحداثه، وتحليل معطياته، وسرد وقائعه، فإن من المجزوم به أن (حايل) أو (حائل) على خلاف بين أهلها، عاشت مثلها مثل بقية مناطق المملكة السابقة لها واللاحقة في عهده رحمه الله رحمة واسعة في أمن واستقرار، واستفادت من مشاريع التطوير الخدمية التي شملت جميع أجزاء المملكة، كما أن مشروع (توطين البادية) الذي يعد من أهم مشاريع المؤسس رحمه الله قد آتى ثماره في بناء إنسان هذا الجزء من الوطن الغالي حيث انخرط بالتعليم شريحة عريضة من أبناء المنطقة بعد أن فتحت المدارس النظامية في وقت مبكّر من عمر الدولة السعودية الثالثة، وتميز البعض منهم بالكسب والتحصيل المعرفي، الأمر الذي أهلهم ليكونوا مشاركين بفاعلية في بواكير مشاريع التنمية السعودية وما زالوا.
إن الأحاديث التي سمعناها من كبار السن، والحوادث التي قرأنا تفاصيلها في تجاعيد ملامح وجوههم المنهكة يعطينا نحن (الجيل الذهبي) دلالات ومؤشرات عن حجم وجع إنسان هذه الأرض من قبل عهد الملك عبد العزيز رحمه الله، كما أنه في ذات الوقت يعكس لنا مقدار النقلة النوعية التي تحققت لإنسان الجزيرة وأرضها، بفضل من الله الذي أجزل علينا النعم التي لا عد لها ولا حصر ثم بفضل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ورجاله.
لقد حفظ التاريخ الأسماء والأحداث والروايات، وسجل المواقف والكلمات والبطولات، ونقل لنا أفعال وأخلاق وسلوكيات وكلمات المؤسس الباني عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود التي توجز للعالم قاطبة أساس البناء لهذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية، وفِي ذات الوقت ترسم منهج العمل الواجب الالتزام به من أجل مستقبل بناء هذا الوطن المعطاء، ويبقى على جيل اليوم أن يعي جيداً دروس الماضي، ويدرك مسؤوليته المباشرة للعمل الجاد المبني على أسس الشريعة الإسلامية الصحيحة، والواعي لمتطلبات العصر، والمدرك حجم تحدياته، والعارف بفرصه ومكتسباته، وذلك من أجل ضمان استمرار ترفل المواطن والمقيم والزائر هم ومن يعولون بالنعم التي جاد بها الرب علينا جميعاً وتفضل في هذا الوطن المبارك المعطاء أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية.
لم يكن الطريق أمام الملك عبد العزيز رحمه الله ومن معه لتحقيق حلم ضم هذه الأرض المباركة المترامية الأطراف تحت راية خضراء واحدة كتب عليها كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، اسمها (المملكة العربية السعودية، وعاصمتها الرياض، وشعارها (سيفان ونخلة) سهلاً ميسراً، بل كان محفوفاً بالمخاطر، مزروعاً بالتحديات، ولكن بعون من الله ثم بذكاء وحنكة وسياسة هذا الرجل الرمز، ووجود رجال مخلصين صادقين معه، ومن خلفهم أكف ترفع بالرضاعة والدعاء لرب الأرض والسماء.. تحققت أعظم ملحمة وحدة في التاريخ الحديث، ولذلك فإننا في الوقت الذي نفخر بما أنجزه رحمه الله، واجب علينا إزاء هذا المنجز أن نتذكره ونذكره، نتعلمه ونعلمه، نقرأه ونكتبه حتى تعرف أجيال اليوم كم هي التضحيات التي قدمت من أجل أن نكون كما نحن عليه اليوم، ولا يغيب عن بالها مهما تقادم الزمن مركزنا القوي والمؤثر والفعال في خريطتنا الخليجية ومنطقتنا العربية ومحيطنا الإسلامي بل فِي العالم بأسره منذ لحظة الميلاد وما زال وسيظل بإذن الله كما كان بل أقوى وأشد، فاللهم احفظ لنا قادتنا، وأدم مجدنا، وانصر جندنا، واحم مقدساتنا، وأرضنا، وشعبنا الوفي، وألف بين قلوبنا، وقنا شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.