فضل بن سعد البوعينين
تفصل لغة الأرقام الدقيقة بين واقع الاقتصاد السعودي، وتكهنات المحلّلين أو شائعات المرجفين؛ بعد حزمة الإصلاحات العميقة التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام 2016. في الغالب تحتاج الإصلاحات الاقتصادية الهيكيلة إلى سنوات طويلة قبل أن تظهر نتائجها الإيجابية؛ غير أن نتائج الإصلاحات السعودية بدأت في إعطاء بعض المؤشرات الإيجابية في فترة زمنية قصيرة.
خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار؛ شدد الأمير محمد بن سلمان على أهمية الأرقام كمؤشر على أداء الاقتصاد السعودي، بعيداً عن الأقوال، وفي مقدمها أقواله. إيمان ولي العهد بالأرقام، ومتابعته الدقيقة لها، واعتماده عليها كمؤشر لقياس العمل، والنتائج، حمله على المراهنة عليها علنياً، وتصحيح الأخطاء المتعمدة، أو العفوية الناتجة عن عدم المتابعة، أو تسارع الأحداث وتغيّر البيانات الاقتصادية، كما حدث في الجلسة الحوارية عندما صحح لمدير الجلسة الحوارية معلومة خاطئة عن نمو الاقتصاد السعودي، قائلاً: «لا تصدقوني صدقوا الأرقام، الأرقام تتحدث عن تحسّن الاقتصاد السعودي، وبالمناسبة معدل النمو هو 2.5 وليس 2.2 كما قلت، فالأرقام تتغيّر بانتظام».
صندوق الاستثمارات العامة كان من ضمن المؤشرات التي تحدث عنها ولي العهد، حيث قفزت أصوله من 150 ملياراً خلال الثلاث السنوات الماضية لتصل إلى 300 مليار، مع توقع ارتفاعه إلى 400 مليار مطلع العام 2019 . حجم الإنفاق الحكومي أحد المؤشرات المهمة. فاعتماد ما يقرب من 1.1 تريليون ريال للعام القادم لا يمكن أن يتم بمعزل عن التنبؤ بحجم الإيرادات المستقبلية وقدرة الحكومة على تنفيذ التزامها المالي الأول في تاريخ المملكة. ومن المؤشرات المهمة تحسّن مركز المملكة في مؤشر التنافسية العالمية، وتحقيق السوق المالية السعودية متطلبات الانضمام للمؤشرات الدولية بدءاً من الربع الأول من العام القادم، بإذن الله. ومن المؤشرات المهمة التي تستدعي التوقف عندها نمو الإيرادات غير النفطية حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام بنسبة 48 في المائة، ونمو الإنفاق الحكومي بنسبة 25 في المائة، ما سيعزِّز دعم النمو الاقتصادي.
ولعلي أشير إلى تأكيد وكالة «موديز» على التصنيف الائتماني للاقتصاد السعودي عند «A1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» وتأكيدها على تطورات القطاع غير النفطي وإسهامها في تحقيق نمو أقوى للناتج المحلي الإجمالي، وخفضها لتوقعات العجز من إجمالي الناتج المحلي إلى 3.5 في المائة بدلاً مند 5.8 في المائة.
وجّه الأمير محمد بن سلمان حديثه إلى الشعب، وطالبهم بقراءة الأرقام والتأكد منها لثقته بها، وثقته بهم، ومراهنته العالم على دعمهم ووقوفهم شامخين مساندين لسموه كجبل «طويق»، مطلقاً جملته المؤثِّرة «أنا بدونهم لا شيء». يبقى الأمير محمد عرَّاب الإصلاحات الإدارية والاقتصادية، وملهم الشباب والطامحين للتغيير الإيجابي المؤسسي في القطاعات الحكومية والاقتصادية والتنموية؛ وبوصلتهم نحو المستقبل المأمول، يقفون خلفه، ويؤازرونه ويدافعون عنه بشراسة، لإيمانهم التام به، وبرؤيته وقيادته المؤثِّرة محلياً ودولياً.