مها محمد الشريف
متى تحدثوا باسم الدين والقانون بتفرّد فأولئك لا ريب أغشوا التاريخ بالدم وأبشع تجاوز هو التظاهر بالدين، وينتقلون من مواقعهم إلى أحزاب ليتماهوا بوجوه مختلفة لكل كيان متوحد ضد الحكومات الشرعية وضد الحكام العرب، وتوجيه أجندتهم نحو الاغتيالات والشغب والقيام بوظائف وزعت عليهم لإخفاء إخوان الشياطين.
عاد الغنوشي إلى ساحة الأضواء، وكعادة العرب المنشقين عن جادة الصواب تبدأ ثوراتهم الدفينة بإثارة قضايا وأحداث لا تخصهم، ويشرعون في تدبير المكائد والتعاون مع أسيادهم وتوجيه التهم والعداء للسعودية، وفي الندوة السنوية لـ»حركة النهضة» التي يرأسها الغنوشي تحدث عن قضية المواطن السعودي جمال خاشقجي، قائلاً: «إننا نعقد هذه الندوة في مناخاتٍ تشبه من أوجهٍ كثيرة المناخات التي فجَّرها المشهد التراجيدي، مشهد احتراق البوعزيزي، رحمه الله، وما فجّره في المنطقة والعالم من تعاطفٍ معه، ونقمة على الظروف التي قذفت به إلى ذلك المشهد التراجيدي، شبيهٌ بذلك الزلزال الذي أثاره الاغتيال الوحشي للصحفي جمال خاشقجي، لقد أيقظ هذا العمل الضمير الإنساني من سبات، رافضاً منطق المصالح السائد بين الدول، مصرًّا على الوصول إلى الحقيقة كاملة».
من الغريب بعد كلمة الغنوشي بفترة قصيرة فجّرت سيدة نفسها في سيارة للشرطة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية استهدف رجال الأمن وكان التفجير قرب مبنى وزارة الداخلية والسفارة الفرنسية، فكل شيء في تاريخهم فوضوي ومدمر إلى أن اتشح تاريخهم بالسواد. لا سيما أن العمليات الانتحارية من بنات أفكار الإخوان التي أجازها القرضاوي محرّضهم وشيخهم.
لقد ذهبت بهم أهدافهم إلى التهلكة، ووقفت مصر ودول الخليج صفاً واحداً لدحر أطماعهم وإفساد مخططاتهم وإنقاذ الدول من براثن أحقادهم وغلهم وما فعلوه في ثورات ربيعهم بإقامة المهرجانات الدموية التي أقاموا حولها الأسوار ليستمر الغليان قبل أن يتم انتشال البقية الباقية من بين أشلاء الجثث المتناثرة في مصر وليبيا وكل مكان وطئت فيه أقدامهم.
ما زالت مواقف الغنوشي المتقلِّبة غنية ومليئة بالتناقضات والتضليل وهي نتاج لأساليب متعارضة لصناعة الفوضى والنزاعات والقيام بجرائم ينكرها العقل، عن خطورة التنظيم الدولي للإخوان، والاختلال المصاحب لكل نظرياتهم الممنهجة.
لقد أشعلوا الحرائق الطائفية والعقدية والاعتقادات التي توظِّف الدين لأهداف سياسية تستغلها لتنفيذ أجندة فكر ضال تتساوى الفرص بينهم وبين داعش كزمرة إرهابية تعمل على تنفيذ مآرب خطيرة خلخلت الثقة داخل مكونات المجتمع الأسري، محاولة الضغط على الحكومات من خلال قتل رجال الأمن والجيش.
لم تكن داعش أكثر نشاطاً من الإخوان فقد استطاعوا تجديد هياكلهم، وأصبح لهم حماة أقوياء يمدونهم بالمال وصفقات السلاح ترتسم في أفقهم تسييس الدين وتقسيم الدول العربية لإضعافها فهم أداة تحارب بالوكالة، دون أدنى مسؤولية تجاه أمتهم.
إن أصحاب هذه النزعات ينتهجون الاستبداد والطرق الملتوية التي تفتك بالعقول قبل القلوب، حيث إن كرامة وصواب الإنسان يكمنان في عقله فإذا تنامت وتفاقمت المؤثّرات السلبية فقدا قيمتهما وتشوّهت ماهية فكرهما وخضعا لأشكال ذهنية بالإكراه تنتج انعاكسات خاطئة ومخادعة على تصور الإنسان ووعيه في زمن متراجع القيمة.