د.دلال بنت مخلد الحربي
يقدم بعض الدارسين الغربيين ممن أقاموا في المملكة العربية السعودية ووقفوا على جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية فيها آراء وأفكار قد لا تتسق مع مفاهيمنا، وقد تحمل وجهات نظر لا تعجبنا، وهو ما يؤدي في كثير من الحالات إلى منع هذه الأعمال عندما تنشر وتترجم إلى العربية وعدم السماح بتداولها.
وإذا للرقيب وجهة نظر تنطلق من حرص على الوطن، وعدم الرغبة في تمرير أفكار يعتقد أنها مسيئة له، إلا أن من المهم أن نتذكر أن هذا الغربي الذي يكتب إلى كتب عنا ليس من الضروري أن يتبنى أفكارنا ولا ينطلق من رؤيتنا وأهدافنا إلى موروثنا فهو يملك رؤيته وينطلق من موروثه الذي قد يخالف ما اعتدنا عليه من أفكار وآراء.
يدفعني إلى هذا الكلام اطلاعي على مجموعة من الكتب التي أعدها باحثون غربيون عاشوا في المملكة وتطرقوا إلى موضوعات دقيقة في جزئيات من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وكتبوا رؤيتهم وفق منهج علمي دقيق وتحليل دون شك يعبر عن أفكارهم النابعة من ثقافتهم أصلاً، ومن هنا يأتي الاختلاف ثم يأتي القرار من الرقيب بمنع هذه الكتب ومنع تداولها.
ولكن نحن في حاجة إلى أن نعي أنه من الصعب اليوم منع أي كتاب، فالكتاب الورقي الذي كان الغالب الذي يخضع للرقابة والجمارك لم يعد يشكل حجر الزاوية، فهناك وسائل كثيرة من الكتاب الإلكتروني الذي يمكن الوصول إليه من خلال قوقل أو تنزيل الكتاب على قرص أو ذاكرة ضوئية، أو حتى ادخاله ضمن احتياجات أي مسافر.
ومن ثم فإن الأمر يستدعي بضرورة الاعتراف بالاختلاف بين فكر باحث غربي نشأ في بيئة تختلف عنا ويحمل مفاهيم غير مفاهيمنا، ومن ثم يقدم رؤية قد تحتمل الخطأ أو تحتمل الصواب.
المطلوب أن تراعى مثل هذه الأمور في تقييم الكتب التي يعتقد أنها تحمل أفكاراً غير مقبولة، وأن يستخدم هامش من الحرية لإتاحتها لأن في النهاية لن يقرأ مثل هذه الكتب إلا متخصص يعرف الحق من الباطل، ويدرك الاختلاف بين الأمم في الفكر واتجاهاته.