أعرف سعادة الأستاذ الفاضل سليمان الحربش منذ أن كان يعمل مسؤولاً كبيراً في وزارة البترول والمعادن وتربطني به علاقة صداقة ومحبة، وعندما انتقل ليعمل مديراً عاماً لصندوق الأوبك في فيينا، كنت أتابع نشاطه وعمله المكتبي والميداني، ولقد قرأت ما سبق أن كتب عنه سعادة الدكتور الفاضل جاسر الحربش وكيف أثنى على الأخ سليمان بما يستحقه، كما قرأت مقالة الأخ العزيز الدكتور إبراهيم العواجي. وها أنا ذا أتابع ما تكرم به الأخوان العزيزان.
سعادة الأخ سليمان في عمله في الصندوق ليس مكتبياً فقط وإنما ميداني متحرك شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، هدفه مساعدة الدول الفقيرة في مجالات التنمية المختلفة.
كان إذا تقدم إليه مشروع من الدول المحتاجة، يدرسه بعناية فائقة مع زملائه في الصندوق، وإذا تمت دراسته وتبين أنه مشروع نافع لذلك البلد، قدمه إلى مجلس الإدارة ودعمه بكل قوة وحكمة ونزاهة، ومن ثم يذهب بنفسه إلى ذلك البلد المعين ويناقش مع مسؤوليه عن ذلك المشروع ويتفق مع المقاول والاستشاري ثم يقدم دفعه أولى إلى المسؤولين عن ذلك المشروع. ويربط الدفعة الثانية بإنجاز ما دفع لهم بالدفعة الأولى، وهكذا مع كل مشروع تنموي، وهذه جهود مكلفة نفسياً وبدنياً، ولكنه يعمل بذلك بنفس كريمة وطيبة وأريحية.
جاب أقطار الدنيا. أدغال أفريقيا ومجاهل أمريكا اللاتتينية وأقاصي آسيا والشرق الأوسط، لم يعمل ذلك بغرض شخصي أو لسمعة أو نحوهما، ولكنه يعمل ذلك بكل روح رياضية ورغبة بالخدمة العامة.
لم يكن يقدم للحكومات المستفيدة من المشروع المبالغ النقدية إطلاقاً لكي لا تستخدم لغير الغرض الذي خصصت له. وإنما يقدمها للمقاول والاستشاري ويراقب إنجازهما، هذا فيما يخص أعماله الخيرية وجهوده المقدرة والمشكورة. وإنما هناك مجالات أخرى له فيها قصب السبق وخاصة مجالات أنا فيها طرف ثانٍ.
الأول: المعهد العربي لإنماء المدن ونشاطاته الإنسانية وكان سعادة الأستاذ الجليل سليمان يدعم نشاطات المعهد مثل المؤتمرات والندوات وكانت ترفع إليه دراسة أولية عن بعض أنشطة المعهد، وكان يدرسها ثم يقرر دفع إعانة لذلك النشاط ومازال مستمراً في دعمه لنشاطات المعهد، حيث أنه لا يعمل لذلك لصداقة تربطني به وهي صداقة أعتز بها، ولكنه يفعل ذلك بقناعة تامة بما يفعله.
الثاني: المركز السعودي لتعليم الكفيفات بالأردن، هذا المركز بناه صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد تنفيذاً لوعدٍ كريم من والده المرحوم الأمير فيصل بناء على ما عرضه عليه سعادة سفير المملكة سعادة الأستاذ الفاضل عبدالرحمن الناصر العوهلي آنذاك، وكاد هذا المركز أن يقفل لعدم استمرار الجهة الداعمة مادياً له في دعمه.
لكن الله عز وجل أنقذه حيث كلمني سعادة سفير الأردن بالرياض في ذلك الوقت حول الموضوع، فألهمني الله عز وجل أن استطيع يواسطة المحسنين جمع مبلغ كافٍ لتشغيله إلى أن تم الاتفاق بين المملكة والأردن على أن تتحمل المملكة مصاريف التشغيل، وتتحمل الأردن رواتب العاملات فيه ومن ضمن من تولى دعم المركز الأستاذ/ سليمان مدير صندوق الأوبك فكان يقدم له دعماً مادياً وعلى فترات متقطعة وكان آخرها عندما وقع تفاهماً مع مديرة المركز يوم 25 أكتوبر هذا العام بدعم المركز بمائة وخمسين ألف دولار أمريكي.
هذا ما أود الإشارة أقوله بحق أخي وصديقي الأستاذ سليمان الجاسر الحربش، وهو يغادر موقعه الحالي كمدير عام لصندوق الأوبك بعد خدمة طويلة أمضاها مجاهداً ومعاوناً وترك سمعة عطرة وذكرى خالدة وعطاء محموداً ومشكوراً، وكما قيل من لم يشكر الناس لا يشكر الله فإني أتقدم بوافر الشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير/ الجليل خالد بن فيصل بن تركي سفير خادم الحرمين الشريفين في عمان على دعمه الكريم واهتمامه الشخصي بالمركز.
كما أتقدم بالشكر الجزيل للأخت المجاهدة الأستاذة إيناس الطائفي مديرة المركز على إدارتها الإنسانية المقدرة في رعاية وتوجيه الطالبات الكفيفات.
أتمنى لأخي العزيز حياة مليئة بالسعادة والهناء وصحة وسلامة، وأقول له: كثر الله خيرك أحسنت وأجدت وكونت علاقات إنسانية في طول الأرض وعرضها.
ولك مني كل التحيات والله يحفظك بالصحة والعافية وحياة سعيدة إن شاء الله.
** **
- بقلم/ عبدالله العلي النعيم