يوسف المحيميد
من شاهد فيديو كليب لا تزيد مدته عن دقيقة، حول استقبال العاصمة الرياض للوحة تشكيلية عنوانها «الذروة الزرقاء» للفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي، أحد أبرز فناني القرن العشرين، سيصاب بدهشة وغرابة، لطريقة البروتوكول والاستقبال الرسمي الفاخر لمجرد لوحة، كما قد يراها البعض ممن لا يدركون القيمة الفنية والجمالية لهذه اللوحة ذات الأربعمائة مليون ريال، حيث تم استقبالها بسيارات سوداء رسمية، وبحضور أمني، ودوريات شرطة تصاحبها من مكان الشحن بالمطار وحتى مبنى الرتزكارلتون، وطريقة فتح الصندوق، واستخدام القفازات البيضاء لأول مرة في الرياض، التي لا نراها إلا في المتاحف والمزادات العالمية للفنون.
كان سيناريو الفيديو كليب القصير جدًا، ومونتاجه وإخراجه وإنتاجه رائعًا، يجعل من لا يفهم بالفنون يتساءل في داخله: لم كل هذا الاستقبال والحماية الأمنية؟ وحتما سيفهم أننا في مرحلة جديدة من حياتنا واهتماماتنا، من حيث الاهتمام الرسمي والشعبي بالأعمال الفنية، وهذا بدوره سيرفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه الفنون، وربما فات على مصمم هذا الفيديو كليب أن يختتمه، وبعد تعليق اللوحة، بمشهد حشد من متذوقي أو محبي الفن وهم يتأملون اللوحة، ويلتقطون لها الصور، وكذلك صور السيلفي مع ذروة كاندينسكي الزرقاء.
نحن اليوم بحاجة إلى أكثر من متحف للفنون المعاصرة، وفي أكثر من مدينة، أكتب ذلك تزامناً مع حدثين مهمين، الأول بيع لوحتين سعوديتين للفنانين محمد السليم وعبدالرحمن السليمان، في مزادين عالميين مهمين هما كريستيز وسوذبيز في لندن، والثاني انطلاق أكبر تظاهرة فنية في المملكة، وهي المعرض الثالث للجاليري السعودي، الذي تنظمه مسك آرت، المقام حاليا في درة الرياض، حيث يجذب الآلاف من محبي الفنون، بما يكشف أهمية الفنون في حياة الناس اليوم، سواء على صعيد التذوق أو الاقتناء أو الممارسة، ولعل ذلك يكون أكثر جدوى حين يصاحبه وجود معاهد وأكاديميات للفنون، تستقطب لها خبرات تعليمية من إيطاليا وفرنسا وبعض دول العالم العربي.