د.ثريا العريض
هناك مثل غربي يقول «لكل سحابة سوداء جوانب فضية»؛ بمعنى أن في كل شدة فائدة جانبية أو جانباً مضيئاً. وبالنسبة لنا قضية مقتل الإعلامي جمال خاشقجي -رحمه الله-, بكل سوداوية تفاصيلها وتفاعل وحزن كل ذي إحساس وتعاطفنا إنسانيًا معه ومع أسرته, اتضح لها -رغم تألمنا- جوانب فضية عدة؛ أولها تأكيد التفاف الشعب حول قيادته ورفضه التأليب الخارجي ضدها, ما أوضح أن فكرة استثارة الشارع لانقلاب فوضوي ضد النظام - كما حدث في الجوار العربي خلال ما سمي بالربيع العربي أو الفوضى الخلاقة - فشلت مرة أخرى. وأشير هنا إلى تلاعب لغوي بالمصطلح حيث كلمة Spring باللغة الإنجليزية تعني أيضًا قفز أو وثوب بمعنى أنها إثارة الفوضى لتشجيع الشوارع العربية على الوثوب ضد الأنظمة.
وثانيًا, مع سقوط الأقنعة, توضح للقيادات والشعوب في السعودية وفي الدول الخليجية الشقيقة من هو الصديق الحقيقي ومن هو الانتهازي ومن هو العدو، فليس كل من انتقد بشكل موضوعي وهادئ ما يراه شخصيًا نواحي قصور في ممارسات مجتمعه عدوًا كارهًا لوطنه بل قد يكون عامل بناء لتحسين المستقبل على ألا تكون له علاقات بجهات خارجية تترصد بأمن وأمان واستقرار الوطن.
وقيادات المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها لطالما أعلنت وافتخرت بممارستها سياسة الباب المفتوح للحوار بينها وبين المواطنين.
اهتممت شخصيًا بتأمل ما دار في الجلسة التي شارك فيها صاحب السمو الملكي ولي العهد محمد بن سلمان, وولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد ورئيس وزراء لبنان سعد الحريري. وأشهد بمهارة الوزير الأردني مدير تلك الجلسة حين ابتدأ بسؤال كان يدور في أذهان المتابعين عالميًا عن قضية جمال خاشقجي, فجاء الرد واضحًا من سمو ولي العهد مؤكداً للجميع تعاون فريقي التحقيق من الجانبين السعودي والتركي. والإجراءات المستجدة الجادة للتأكد أن مثل هذه الجريمة لن تتكرر.
كل عبارة في الإجابات العفوية المرتجلة حملت رسائل بمؤشرات إيجابية؛ إعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة قرار حيوي مهم جدًا لضمان دقة انتقاء منسوبيها وتدريبهم لضمان صحة إجراءات التعامل مع الموقوفين والشهود في قضايا الفساد والأمن الوطني, وعدم تجاوز الصلاحيات, بمعرفة أو بتهاون.
وهناك ممارسة أسلوب التفاهم والتقارب والحوار الحضاري من الأفراد والقيادات بما يسعد محبي الأوطان, وسنسعد أكثر بالانتقال من معاناة تداعيات الصراعات إلى مرحلة السلام والوئام والتعاون في إعادة بناء ما شوهته التدخلات العدوانية وأحرقته الفوضى الصهيونية أو نخرته الخلايا المسرطنة.