د. حسن بن فهد الهويمل
أسرة الراجحي غنية عن الثناء، فقيرة إلى الدعاء، عاش أفرادها يتوارثون المجد كابراً، عن كابر. عرفها الناس في مجالات الخير، والعطاء، والتجارة، والزراعة، والبناء. وخفي عن الكثير وطنيتها الصادقة المتمثلة بالولاء والعمل التجاري الشريف.
عرفتُ فقيدها الغالي المغفور له الشيخ (عبدالله بن عبدالعزيز الراجحي) عن طريق صداقتي العميقة، والعريقة، وخُلطتي المتواصلة مع شقيقه الشيخ (سليمان بن عبدالعزيز الراجحي). فعرفت فيه الكرم، ودماثة الخلق، والبساطة، والتودد، وحسن المجالسة، ولطف الحديث، وإشعار المُجالس بقيمتهِ.
والفقيد شكل مع أشقائه الثلاثة (صالح) و( محمد) -رحمهم الله- و(سليمان) -أمد الله في عمره- منظومة تجارية متعددة الاهتمامات مُتواصلة النجاحات، ولمّا تزل تُشكل في الوسط التجاري في المملكة (إمراطورية) تجاريةٍ مصرفيه تُمارس عملها بشرف، وأمانة، ومُواطنة صالحة.
ولعلنا نذكر كلمة المغفور له الملك (عبدالله بن عبدالعزيز) عندما كان ضيفاً على مشروع (الليث) البحري حين أثنى، وافتخر بإمكانيات ومُنجزات الشيخ (سليمان). لقد فقدت البلاد بفقد المحسن الكبير (عبدالله الراجحي) مواطناً صالحاً، خدم وطنه بالصدق، والأمانه، والإخلاص وهي سماتٌ تتحلى بها كافة مؤسسات الأسرة.
المعروف أن (أسرة الراجحي) عاشت حضوراً مُشرفاً منذ سبعة عقود، وكانت خلال هذه المدة مثال الصدق والأمانة.
عرفت الشيخ (سليمان) عن قرب، وعرفت فيه الأُسوة الحسنة، وكلما التقيت بأخويه (محمد) و(عبدالله) -رحمهما الله- في مجلس أخيهم شعرت بأنني أمام حلقة مُفرغة، كما قالت الأعرابية عن أبنائها حين سُئلت عن أيهم خير. لقد كانوا جميعاً يتسابقون في فعل الخير، من دعمٍ لكافة الجمعيات الخيرية، وعمارة للمساجد، وسعيٍّ في حاجات الناس.
ولمّا تزل صدقاتهم، وأوقافهم، منتشرة في أرجاء المملكة.
ويكفي أن نشير إلى وقف المغفور له الشيخ (صالح الراجحي) في القصيم وهو أكبر مشروع نخيل في العالم. حتى لقد دخل (موسوعة جينيس) بحيث إتسعت هذه المزرعة الموقوفة لوجه الله لأكثر من ربع مليون نخلة كلها مُثمرة. هذه الأسرة مُباركة ليس فقط في مجال الصدقات، والأوقاف، ولكنها مُباركةٌ في مشروعاتها الزراعية، التي تشكل أمناً غدائياً، ولسنا بحاجة إلى استعراض شيء منها، فهي باديةٌ للعيان.
لقد رحل الفقيد بجسمه وبقي بسمعته العطرة، وأثره الطيب، وأولاد صالحين الذين يدعون له، وصدقاته الجارية التي نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه مقبولةً، يُربيها له المنعم، المُتفضل، كما يربي أحدنا فلوه.
رحم الله الفقيد رحمة واسعه مع النبيين، والصديقين، والشهداء وحسن أولئك رفيقاً وجبر الله مصاب أهله، وذويه، ومحبيه. وجعل فيهم الخلف الصالح الذي يسد الفراغ الذي تركه الفقيد.