قد فقدت الأمة بوفاته عالِماً جليلاً وعَلماً من أعلامها المخلصين.. - رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته قد توفي يوم الأحد الموافق 12-2-1440هـ وصلي عليه بعد صلاة العصر بمسجد البابطين بشمال الرياض ودفن بمقبرة شمال الرياض-.. لقد نذر نفسه ووقته لخدمة دينه ووطنه وولاة أمره ومجتمعه ونصرة الحق والدعوة في سبيل الله.. وكان عمره حافلاً بالأعمال الخيِّرة والمزايا الطيِّبة والسجايا الكريمة.. ولين الجانب وسمت العالِم الرفيع، وحسن الخلق وحب الخير والرفق بالناس ومعرفة أحوالهم وسعة الحلم ورجاحة العقل.. صاحب فطنة وكياسة، وشجاع في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وصاحب أدب رفيع وصبور شديد التحمُّل، سلس الحديث، ثاقب الرأي حصيف، ويعطي كل مَن يقابله حقه من المعاملة الحسنة وينزل الناس منازلهم ويعرف لهم قدرهم.. وكانت الابتسامة لا تفارق محيّاه دائماً ويلبي دعوة من دعاه، بيته ومكتبه مفتوحان وأذنه صاغية، ورع تقي كريم فكان قريباً من الناس، له حضور أخاذ لدى المستمع والمشاهد. كما أن رغبته في العلم والدعوة أخذت جل اهتمامه ووقته.. لا يهدأ، ذخيرته إيمانه بالله وحبه لإتقان العمل.. وصدقه في البحث عن كل طرائق العمل الإسلامي.. التي تصله بالناس أينما كانوا. ومعاملة الصغير والكبير على حد سواء بالرفق واللطف واللين والحنكة والمساواة، وسرعة الإنجاز في الأعمال، وكان يأتي إلى عمله مبكراً ولا يخرج حتى ينهي ما لديه من أعمال ويبذل جهده ووقته لخدمة العلم وطالبه، ويجل العلماء وطلاب العلم ويدنيهم منه ويحترم آراءهم، ويُجادل بالتي هي أحسن ويدفع السيئة بالحسنة. رحمه الله رحمة واسعة.
فإن كان فضيلته قد رحل عن هذه الدنيا الفانية بعد عمر أفناه في العلم والبحث الدؤوب لنشره بين الناس والعمل الصالح المتواصل الذي لا ينقطع، فستبقى خصاله الحميدة وأعماله الجليلة وذكره الحسن الطيِّب، وما خلفه من أخلاق فاضلة وسيرة عطرة تشهد على علو مكانته وقدره ومحبة الناس له. أفنى عمره في طلب العلم والدعوة إليه.
إن موت العلماء ثلمة وأي ثلمة. وذهابهم مصيبة وأي مصيبة. إنهم ينفون عن الناس غلو الغالين وانتحال المبطلين. هم النجوم الدراري التي تضيء في العتمات للساري.
(ففز بعلم تعش حياً به أبدا
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)
قال الشافعي: (دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً
وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاء)
فخالص عزائي وصادق مواساتي لجميع أبناء الفقيد وأخواتهم وأسرته وأخص بالعزاء فضيلة الشيخ عبدالعزيز الوشيقري وفضيلة الشيخ غيهب الغيهب، وجميع أسرة آل العيدان وذويه وأرحامه وأقاربه وأصدقائه ومحبيه وزملائه وطلابه وجيرانه سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد الغالي بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا، لا رادّ لقضائك يا رب العالمين.. (ولله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله). وإنا على فراقاك يا شيخ إبراهيم لمحزنون.
** **
- د.فهد بن عبد الرحمن السويدان