كم نحن بحاجة لمن يسعدنا ومن يزيل عنا همومنا وأحزاننا ويلون حياتنا بجميع ألوانها الساطعة، فالسعادة هي سلام داخلي مع النفس. سئمنا من كثرة المشاهدة المؤلمة التي نشاهدها يومياً على شاشة التلفزيون، الإنسان يبحث عمن يحيي روح المرح والطمأنينة في نفسه. إذا لم تكن سعيداً فهذا سيؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية في المستقبل، فالصحة هي كنز ثمين لا يمكن هدره. وجود شخص ذو معنويات إيجابية يجعله يركز على مفهوم الحقيقي للسعادة لكي يسير في الطريق الصحيح نحو السعادة. فأصحاب الابتسامة الدافئة والروح الفكاهية يخلقون بيئة تجعل كل إنسان يعيش حياة مزدهرة بالإنجازات والحياة السعيدة. فأنت بحاجة لصديق يمسك بيديك عندما تسقط من أعلى الدرج، وأنت بحاجة لصديق يضحكك ويرسم الابتسامة على وجهك. أنت بحاجة لشخص لتبوح له بأسرارك وتنفس له عن غضبك وحزنك ليساعدك من الخروج من الحفرة التي وقعت فيها. فهناك عدة دراسات أثبتت مع مرور الزمن بأن وجود الشخصية في حياتك يقلل من الشعور بالقلق والتوتر، فوجد باحثون في جامعة بيتسبيرغ في أمريكا أن تقديم الدعم المعنوي بجميع أنواع الطرق من شأنه أن يقوم بتنشيط عمل مسار الأعصاب في الدماغ يعزز من صحتنا. ويقلل من عمل اللوزة الدماغية التي هي البنية الدماغية التي ترتبط بالاستجابات للضغط في منطقة الدماغ. قام باحثون من 45 متطوعاً بتنفيذ مهمة تنطوي على تقديم الدعم بأي وسيلة، فمن خلال القيام بهذه المهمة يكسب المتطوعون المكافآت ليشعروا بارتباط جماعي أفضل يعزز من الدعم المعنوي الذي يقدمونه. بعدها طلب من المتطوعين للخضوع لمهمة التقييم العاطفي عبر الرنين المغناطيسي، والذي يظهر مناطق الدماغ النشطة والنتيجة التي أظهرها المسح تبين أن تقديم الدعم المعنوي يؤدي بالفعل إلى تنشيط مناطق معينة من الدماغ.
همس الحياة يرتبط بإيقاعها السريع الذي أصبح ومن شدة سرعته، لا يطاق فهو يطلب منا أن نركض وراءه حتى وإن تعبنا. العصر الحديث كالآلة المزعجة التي لا تتوقف عن العمل السريع التي تريد منا أن نجاري سرعته في العمل. نحن نفتقد في بيئتنا الحالية الشخص الإيجابي ذو مشاعر صادقة الذي لا يمكن أن يخدعك مهما كان. إن التحفيز النفسي هو ما جمعينا نحتاج إليه لكي نصل إلى أعلى قمم السعادة. أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بتعيين موظف جديد تحت مسمى «أخصائي سعادة الموظفين» في خطوة جملية ستساهم في خلق بيئة عمل محفزة والأهم من ذلك مريحة خالية من الضغوطات النفسية. فالموظفون حاليا يشعرون بالتذمر والملل والإحباط نتيجة سماع وقراءة الأخبار السلبية ومشاهدة صور الحروب والدمار، فالإمارات سبقتنا عندما أعلنت عن إنشاء وزارة السعادة وأثبت مع مرور الأيام نجاحها وقدرتها على تحسين حياة المواطن والموظف. بالإضافة إلى مساعدته في التخلص من المشاعر السلبية التي سوف تدمر حياته بكاملها. السعادة لم تعد مجرد أمنية بل أصبحت مطلبا إنسانيا يحتاج إليه الإنسان المعزول في كهف مظلم لا يعرف كيف يخرج من هذه الحياة السوداوية المليئة بالأفكار السلبية، التي دمرت حياته.
بلا شك كل موظف بحاجة إلى الدعم المعنوي لكي يقدم أفضل ما عنده من أداء قد يرقى إلى مستوى عالمي، فالجميع العظماء والناجحون وجدوا بيئة محفزة ومريحة ساعدتهم في تحقيق أحلامهم. السعادة هي أن تعيش الحياة وترقص مع نغماتها العميقة وتتلون بألوانها الجميلة. فالمستقبل أمامنا كبير فهو يعدنا بأفضل ما تقدمه الحياة لنا من رفاهية وتسهيلات ستخلصنا من أتعاب الماضي وتنسينا همومه وأحزانه. إن السعادة هي مفتاح الحياة الجميلة وستبقى كذلك إلى الأبد.