محمد آل الشيخ
قضية خاشقجي استغلها كثيرون لدعم موقفهم السياسي. في أمريكا - وهي الأهم - استغلها المناوئون للرئيس ترامب في مصلحتهم، واستغلها الأوروبيون للانتقام من الرئيس ترامب الذي أفشل اتفاقياتهم مع الإيرانيين، ولاسيما أن ساسة الدولة العجوز ما زالوا منذ الغزو الصليبي ومرحلة الاستعمارات، وسرقة مقدرات الشعوب، وعقلية (تاجر البندقية) تكتنف تصرفاتهم، وتوجِّه غايات سياساتهم. وطبعًا استغلتها جماعة الإخوان المسلمين لدعم حليفهم الذي لم يعد بإمكانهم إخفاء تحالفهم معه «ملالي إيران» في محاولة لإشغال البيت الأبيض عن العقوبات الأمريكية التي يقول الأمريكيون إنها ستكون غير مسبوقة في التاريخ.
استقرار الاقتصاد العالمي مرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار المملكة وأمنها، وهي الآن تحديدًا تمرُّ بلحمة بين القمة والقاعدة بشكل غير مسبوق. الأمريكيون، سواء ديمقراطيين وجمهوريين، وكذلك عقلاء الأوروبيين، يدركون هذه الحقيقة، لكن هناك تكتيكات يمارسونها الآن لأسباب شعبوية، ومن منطلقات هدفها استقطاب الشعبية الانتخابية. ومعروف في أمريكا أن الانتخابات النصفية هناك تستحوذ على تفكير الساسة، ولها يُسخَّر كل الإمكانات للفوز بها بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وبمجرد انتهاء هذه الانتخابات، وإعلان نتائجها، سنجد أن لهيب هذه الانتخابات سيخبو، وتعود الحسابات العقلانية؛ ليكون لها القدح المعلى في اتخاذ القرار.
السعوديون اليوم يلتفون حول القيادة بشكل لا يمكن لمحلل موضوعي إغفاله؛ والسبب الرئيس في هذا الالتفاف أنهم رأوا بأعينهم ماذا حل في سوريا وليبيا واليمن، وكذلك بنسبة أقل في مصر لولا تدخُّل الجيش المصري، وإنقاذها بعد أن كاد المتأسلمون يلقون بها في مصير سوريا وليبيا واليمن ذاته. ولا أعتقد أن سعوديًّا عاقلاً يريد لبلده أن تكون نسخة مكررة من هذه الدول، اللهم إلا الإخونج والسروريين الذين رأوا (جهادهم) المزعوم وطموحاتهم عصفت بها الرياح. ومن دون أن تتحرك الجبهة الداخلية - كما حصل في بلدان الربيع العربي - يستحيل أن تتحقق أهداف هذه الهجمة الشرسة، جاعلين قضية خاشقجي بمنزلة قميص عثمان وأصابع نائلة؛ لإثارة الفتنة، وقلب الأوضاع المستقرة في المملكة.
الأغلبية الكاسحة من شعب المملكة دون الثلاثين سنة يقفون بقوة مع الأمير محمد بعد أن تحققت على يديه إنجازات في الشأن الاجتماعي، لم يكن يحلمون أن تتحقق خلال ثلاث سنوات. وإن اتجاهه إلى التنمية، واستقطاب كل ما يمكنه استقطابه لتحقيق أهدافها، يجعلهم يثقون به. ربما أن هناك أخطاء هنا وهناك - وأنا لا أنكر ذلك - إلا أن المحصلة النهائية إيجابية ومبشرة ومطمئنة. وكما قلت في مقال سابق، إن الذي لا يُخطئ هو فقط الذي لا يعمل، ولكن الذي أنا متأكد منه، ومن خلال تجارب سابقة، أن هذا الرجل لا يخجل من التراجع عن الخطأ، وهذا ما رأيناه في مواقف كثيرة، لو المجال يتسع لذكرتها. ولا يمكن إطلاقًا - وأكرر إطلاقًا - أن تكون هناك مسيرة رائد بحجم الأمير محمد خالية من الأخطاء.
ومهما يكن الأمر فالشعب السعودي هو كما يصفه الأمير الرائد مثل (جبل طويق)، مرَّت عليه من العواصف والأعاصير أشدها، وانتهت، وبقي «طويق» ثابتًا لا يتزحزح.
إلى اللقاء