إبراهيم عبدالله العمار
لا شك أنك اشتريت وفاوضت في بعض السلع، لكن حتى لو كنت متمرساً فيمكن لشخص مثلك أن يقع ضحية لخطأ التثبيت.
ماذا يعني هذا المسمى؟ خطأ التثبيت ظاهرة تخدعك، وهو أن يثبّت البائع رقماً في ذهنك بمجرد أن ينطق به. مثلاً: يطلب منك شخص أن تقدّر سعر سلعة لا تعرفها، ثم يقول لك: هل تظن السعر قريبًا من 50 ريالاً؟ بمجرد أن ينطق 50 ريالاً فهذا يكفي لظهور ذاك الخطأ في عقلك. لقد قام بتثبيت الرقم في عقلك، وهذا يكفي لأن تتعلق بهذا الرقم وتعتقد أن السعر يحوم حوله، فربما تقول «لا، بل أظنها أقرب لمبلغ 40 ريالاً أو 70 ريالاً». تظن أن هذه الأرقام من اختيارك لكنك وُضِعتَ حولها قسرًا بلا شعور.
في كل تجارب العلماء على أناس في شتى البلدان دائماً تظهر النتيجة نفسها: الناس يتأثرون بالرقم المبدئي الذي فكروا فيه. إذا سُئلتَ إذا ما كان غاندي أكبر من 80 سنة عندما توفي فسيكون تقديرك أكبر بكثير مما لو كان الرقم المقترَح 30 سنة. لو أردت شراء بيت فسيبدو البيت أعلى قيمة لو كان السعر المطلوب عاليًا حتى لو حاولت مقاومة تأثير هذا الرقم. حتى خبراء العقار كانوا ضحية لهذا! وطبعاً البائعون يفعلون الشيء نفسه إذا بادروا بنطق سعر السلعة، فيصبح في موقف قوة، وتصير أنت حبيساً للرقم الذي ألقاه البائع، ويستطيع أن يتلفظ بأرقام مبالغ فيها، وقد تستنكرها لكن تقديرك للسعر سيتأثر بالرقم.
كل هذا وأنت لا تدري، نظن أننا نفكر عقلانياً وأننا نصنع قراراتنا بأنفسنا لكن هناك من يوجّه أدمغتنا بلا شعور.