د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
عندما أعلنت بلادنا في الأسبوع الماضي وفاة المواطن جمال خاشقجي - رحمه الله - وأماطت اللثام عن حقيقة ما جرى دون مواربة، وأنها تضع القضية في ميزان العدالة أمام السلطة القضائية، بعد أن كان اختفاء المواطن «جمال خاشقجي « محوراً للحديث فوق الأرض الجُرُز!! فكان البيان السعودي انتصاراً لقيم العدالة وامتداداً لمنهج الحكم الرشيد الذي قامت عليه بلادنا منذ تأسيس وجودها، وهي من ترى في كرامة الإنسان مورداً عذباً لسقي حياض الأمن في بلادنا وحماية مقدراتها.
«أما هاهنا قامت على العدل دولة
تشير إليها بالخلود الأصابعُ»
وفي بضعة الأيام التي كانت مجريات القضية تتطلبها وقبل بيان النيابة العامة؛ انشغل العالم عن القضايا المحورية التي تضج بها الإنسانية والتي تنضح بالمآسي والبؤس، وما زالت ترنو إلى انفراج يصنعه الحكماء من الساسة والمنظمات الإنسانية المعنية، بل إن تلك الحملة ومن وراءها عمدوا إلى تحويل اختفاء المواطن» جمال خاشقجي» قبل إعلان وفاته إلى قضية مركزية ظنوا أنها سوف تزلزل ميزان العدالة، وهو الميزان الذي أرسته بلادنا في شأنها كله وفي كل مدارات التعامل عامة ومع مواطنيها خاصة، فكانت تحديات أمام بلادنا ولكن الواقع السعودي بتوفيق من الله ثم بحكمة القيادة بات يتخطى الأزمات على كافة الأصعدة، حينما انبرت قيادتنا الحكيمة لصياغة خطاب السياسة العادل في شأن القضية، وفي ذات الوقت ما فتئتْ بلادنا تتباهى في حلتها الحضارية الجديدة التي لا يشبهها أحد ولكن طموحاتنا تشبهها حتماً؛ وتتباهى بوجودها العالمي الذي ارتقى أعلى منصات العالم بوسم الاستحقاق؛ وإصلاحاتها التي انطلقت بقوة نحو شراكات عالمية لا ينالها إلا الأقوياء وأولو العزم؛ وما منتدى مستقبل الاستثمار المسمى «دافوس الصحراء» الذي ينعقد الآن إلا من عزائم السعودية العظمى في مسيرة التجلي، وقد أثبتت هذه الأزمة العابرة أنّ وطننا غير قابل للقراءة ممن لا يُجيدُ الصعود ليشاهد قمم الكبار وقيادتنا في عليائها؛ ووطننا لا يساوم على قيم الحكم الرشيد الممتدة التي تضرب بجذور متينة في رِكاز المجد والعدل من قواعدها المتينة؛ ووطننا لا ينزلق في سباب سفهاء الدويلات حينما يشترون المنابر، ووطننا يأنف ممن يدلفون إلى مرابع الوهم ومستنقعات الشر، فيتحدون معها فيشكلون كيانات تُقضُّ مضاجع اليقين بالحياة، ووطننا يزدري الحماقة «التي أعيت من يداويها»، وهو يزهو بوجوده الأشم في عالم الإمكان والتمكين»، ووطننا لا يلتقي في الظلام مع من هم خارج مسؤولياتهم الوطنية في «طغيانهم يعمهون»، ووطننا ذلكم الذي تشققت له الدنيا عزماً وحزماً وانحسر عنه الأعداء كمداً لن يتوقف أمام الخزعبلات، كما لم يتوقف حين المفرقعات المحملة بالصديد والصدأ!! ووطننا يُراهن على إعلام نزيه لا يجتزئ الحقائق ولا يشتري الذمم ولا يختلق الأحداث ثم يسقيها كيف يشاء، ووطننا وهو المحمل بعبق التاريخ وبنور المقدسات وما زال - بفضل الله - تطوقه المشاهد الملأى بكل مقومات الحضارة، ويأبى أن تستلبها الأبواق العابثة التي خرجتْ من خشاالأرض ودهمائها، فهنا في وطننا يعلو مفهوم اللحمة الوطنية بين القيادة والشعب، وفي كل ذاك تختزل بلادنا مواقف شماء، وإن مرت بتحديات عابرة فإن ذلك ثراء في خياراتها المستقبلية في التعامل الرسمي مع الآخرين، بينما يُزهر أمام العالم تلاحم متين ذو قوة؛ أبرمتْ اتفاقياتها قيادة راشدة في محطات محفزة من الوعي والانفتاح والثقة، فالتلاحم الوطني مفهوم تحقق فوق ثرى بلادنا بوسم سعودي فريد منذ الأزل, وهو توليد لمنظومة حب كبيرة لا تقتصر على حب المكان, ولكنها تشمل أيضاً حب الناس الذين يعيشون على أرضه , وتقدير عقوله التي تفكر من أجله وسواعده التي تبنيه , وفي كل المواقف التي تخاتلُ هدوء بلادنا يكون التحول إلى الوطنية الصافية والتلاحم الشعبي المجتمعي صناعة سعودية تتفوق بامتياز.
حفظ الله بلادنا في ذرى الأمجاد عالية
ختامنا مسك،،
«تشيعُ ظلال العدل خلف مَعِينهم
وتُمحى بهم من صفحة الكون آثام»