«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
شهدت تجارة المخدرات في اليمن، وبخاصة الحشيش؛ ازدهارًا غير مألوف خلال السنوات الأربع الماضية، وتحديدًا في مناطق سيطرة الحوثي، حيث تسمح ميليشيات الحوثي لتجار المخدرات بالبيع في الأسواق المفتوحة وتحت حماية أمنية من عناصرهم. فلم يعد هنالك فرق بين بيعها وبيع الخضراوات والفواكه.
ودعمت ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران تجارة المخدرات في اليمن عبر نشرها لمروجي المخدرات في المحافظات والمديريات والقرى الواقعة تحت سيطرتها. وساعد في انتشارها أيضًا تصديرهم لكميات كبيرة بأسعارٍ بخسة وإعطاء المروجين حمولة مجانية في حال بيعهم الحمولة المسلمة لهم كاملة.
وتعد جماعة حزب الله الإرهابية الممول الرئيسي لميليشيات الحوثي التي تمدهم بالحشيش، حيث تسعى لتهريبه بكميات مهولة دون مقابل، وتحرص على توفير حبوب الكبتاجون المخدرة للشباب اليمني وخاصةً للشباب المعادي لهم والمختلف عنهم في العقيدة والمذهب، فتقدمه لهم مجانًا بهدف زيادة عدد المتعاطين.
وتستخدم ميليشيات الحوثي مخدر الكبتاجون كسلاح للسيطرة على أتباعها، حيث تقوم بتوزيعه على عناصرها ومقاتليها قبل الدفع بهم في ساحات القتال لنزع الخوف من داخلهم، وإن التمزق الاجتماعي الناتج عن الحرب، والظروف النفسية الصعبة والمجاعة والفقر التي يعيشها اليمنيون هي السبب الرئيسي لإدمان المخدرات. يتعرض الشباب اليمني اليوم للاكتئاب الذي يدفع الكثير منهم للتعاطي ظنًا منهم أن هذه المواد هي السبيل للهروب من الواقع المر الذي يعيشونه.
والناس يريدون الهروب من الواقع، وليس لديهم أمل أو وظائف أو أحلام أو تعليم.. جملة قالها الشاب أبو بكر علي باعباد يصف فيها حال أبناء اليمن وبناته بعد تزايد أعداد المتعاطين لمادة الحشيش والمواد المخدرة نظرًا لارتفاع مستويات البطالة وشعورهم المتزايد بالعدمية وغلاء المهور واليأس من الوضع الاقتصادي المتدهور وضآلة الأمل للمستقبل المجهول لهم، تزامنًا مع الأحداث في اليمن.
وذكر الدكتور راجح المليكي، مدير عام الطب التشخيصي بوزارة الصحة أن «آثار تعاطي المخدرات معروفة بشكل عام، ولكنها ليست مجرد مشكلة صحية، بل مشكلة اجتماعية أيضاً. إن المدمنين يؤثرون على البيئة المحيطة بهم، وعندما يكونون تحت تأثير المخدرات، يعتدون على الناس، ويمارسون السرقة، وهذا يسبب لنا أيضاً الكثير من المشاكل». وقامت القوات الحكومية اليمنية بإحباط محاولات عدة لعمليات تهريب حشيش وممنوعات في المناطق الحدودية، كانت أغلبها تعود لقيادات حوثية، حسب اعتراف مهربيها. ومن ضمن جهود القوات المدعومة من تحالف دعم الشرعية، ضبطت الأجهزة الأمنية شحنات لمادة الحشيش كان إحداها يحتوي على 44 كيلو جراماً تم ضبطه في محافظة مأرب حيث أخفاها المهرب باحترافية في سيارة أجرة في 30 يوليو من العام الحالي. أيضًا تم ضبط 500 كيلو جرام في محافظة الجوف كانت في طريقها لمناطق سيطرة الحوثي في 27 سبتمبر. وآخر ما تم ضبطه في مديرية حيران غرب محافظة حجة كمية من مادة الحشيش قدرت بـ30 كيلو جراماً ضبطت بحوزة مهرب على متن سيارة من نوع هايلوكس في طريقها للسعودية في 22 من أكتوبر 2018. المخدرات، أكبر الجرائم المنظمة في العالم والعابرة للحدود، التي أوصلت قادة الميليشيات الحوثية إلى الثراء الفاحش في وقتٍ قصير في ظل انعدام الأمن في اليمن. تسعى تلك الميليشيات لترويج المخدرات بأسرع وقت، لتضمن مصدر دخل لها بعد التسويات التي يمكن أن يتوصل لها أطراف النزاع مستقبلاً في الداخل اليمني.