كُفِّي عن البوحِ هَمْساً إنّني شَغِفُ
ما قيمةُ البوحِ إنْ ضنَّتْ بكِ الصُّدَفُ؟
ما بالُ حبُّكِ يُغري البينَ منْطِقُهُ
لكنَّه عندَ قرْبِي منكِ ينصَرفُ؟!
كم صُدْفةٍ عَبَرتْ والعِشْقُ يُلْهِبُني
نعودُ منها ووَقْدي فوقَ ما أصِفُ!؟
وأنتِ لا أنتِ بالتَّضييعِ نادمةً
ولا لِوعْدٍ يُرِيحُ الصَّبَّ تؤتَلَفُ !
حتَّى متى يُهِدرُ التَّبريرُ فرْصَتَنا
وبالفراقِ على التَّفْريطِ نختلفُ؟
***
الحبًّ يُبصِرُ أحياناً فإنْ عَظُمتْ
قواهُ أصبحَ أعمى عند من عرفوا
وشُوقُنا بينَ بينٍ لم نَهنْ بعمى
وليس نبصِرُ إلاَّ حينما نقفُ
أمَّا تأرْجُحُكِ الجاني بلا سببٍ
فعلَّمَ القلبَ كيفَ الحسْنُ يَقترِفُ!
قالتْ: تؤنِّبُ، كم أرْدَتْ بمن فُتِنوا
لقيا فَبِيعَ بها الإيمانُ والشَّرَفُ
كُنْ مُنصِفاً يا مريدَ الوَصْلِ، ما رجلاً
من رامَ وصْلاً ولم يَجْمُلْ به الهَدفُ
إنِّي فهِمتُكَ إنساناً تسيرُ على
ما طابَ فعلاً فهلْ أزرى بكَ التَّرَفُ؟
فقلتُ : والخَلْوةُ الأشقى تُنَهنِهُني
والنَّورُ يَغْسِلُني عقلاً بما تَصِفُ
لله درُّكِ أدركتِ الهوى فغدا
بعدَ السَّوادِ بياضاً منه ألتَحِفُ
صفا بكِ القصْدُ صَفَوَ العارفين فلا
تخشي فإنِّي بسُخْفِ الزَّيغِ مٌعْترِفُ
تغيَّرَ النَّاسُ بالجاري ومن فطِنوا
نزْرٌ ولكنْ لِغَيرِ اللهِ ما ازدَلَفوا
نزرٌ من الخيرِ ليتَ العُرْبَ كلَّهَمُ
كالنَّزرِ إنْ قيل: حان النَّصرُ لم يخفوا
يا ليتهنَّ كَمنْ أهوى فما جَنَحتْ
وليتهمْ وفْقَ نهْجٍ سارَه السَّلَفُ
بهكذا يُرجِعُ الأعرابُ عزّتَهمْ
فلا اختلافٌ بهمْ يُخزي ولا نُتَفُ
** **
- شعر/ منصور بن محمد دماس مذكور
dammasmm@gmail.com