عبدالمجيد بن عبدالرحمن الزوير
لا شك أن مما يفتك بالمجتمع وينخر فيه هو داء العنصرية، وهي مَذهبٌ قائمٌ على التّفرقة بين البشر حسب أصولهم الجنسية ولونهم، ويترتب على هذه التفرقة حقوقاً ومزايا، وهذا مخالف للشرع لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ..} (13) سورة الحجرات. وأما العنصرية فهي الاعتقاد بأن هناك فروقًا وعناصر موروثة بطبائع الناس وقدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة يكون بشكل مختلف اجتماعياً وقانونياً، ويتمثل هذا الداء بأن يكون في القومية أو لون البشرة أو اللغة والثقافات أو العادات والمعتقدات والطبقات الاجتماعية. ومن أهم أسبابها: الجهل، الفروق المادية، المشاكل النفسية مثل الغرور والكبر، العادات الجاهلية، الإعلام، بعض الحكومات مثل حق الجنسية، الطمع والجشع، الخوف من تقسيم السلطة أو الوظيفة أو التجارة وغيرها، وينعكس على أثر هذا الداء مثالب منها: جعل المجتمع مفككاً غير مترابط وتوليد العنصرية النزاعات بين أفراد المجتمع واختلاق جو من الحقد والكراهية بين أبنائها وتجعل أجواء المجتمع يسودها الخوف والكبت وعدم الاستقرار وقد تتسبب العنصرية على إشعال شرارة الحرب في المجتمع، وإن هذا الداء لا يستعصى علاجه، ولكن علاجه يتطلب جهداً كبيراً، إذ تتوزع المهام بين الأفراد والمجتمع ككل، والسلطات أيضاً. وقد سبق وتخلصت أمم من هذه الآفة، وتمكنت من علاجها، ويمكن الوقاية منها بتضييق دائرة الخلافات بين القبائل، وبين الفصائل المختلفة في المجتمع، وتطبيق مبدأ العدل والمساواة بين أبناء المجتمع، وفرض عقوبات على من يثير الفتن والنزاعات بين أبناء المجتمع الواحد، وتقوية الوازع الديني في نفوس الأفراد، وتعتبر الأسرة النواة الأولى في المجتمع، لذا يتوجب عليها زرع أفضل القيم في نفوس أبنائها، وتربيتهم على حب الآخرين، ونبذ التفاخر واحتقار الآخرين وكذلك المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية لهم دور كبير في توعية الجيل الجديد، وتثقيفهم وزرع الأفكار الصحيحة في عقولهم ونفوسهم. وأختم بقول الشاعر لا تفخروا أَبداً بعرقٍ سالفٍ: إن التفاخُرَ مِهنةُ الأَجلافِ: فالعنصريةُ في البلادِ رَبِيبَةٌ: للفخرِ بالأَجدادِ بالأَسلافِ.