ماجدة السويِّح
التغطية الإعلامية لقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي لفتت انتباه مقدم برنامج «مارك ليفين شو» «Mark Levin Show» الذي رصد التغطية الشاملة، التي امتدت لأكثر من أسبوعين متصدرة كبريات الصحف، وكالات الأنباء، ووسائل الإعلام العالمية، متعجباً من الاهتمام المبالغ فيه من قبل الصحافة الأمريكية، في مقابل تجاهل وقصور التغطية الإعلامية لمقتل أربعة مواطنين أمريكيين بما فيهم السفير الأمريكي في ليبيا ببنغازي عام 2012.
يرى المذيع الأمريكي أن الحادثة لم تأخذ حقها في وسائل الإعلام المحلية، كما تجاهلت الأبطال الأمريكيين، الذي كانوا يحتاجون للحماية، وللاهتمام من قبل الحكومة الأمريكية، كما يكشف عن التغطية غير المتوازنة، والمبالغة بتغطية حادث مقتل «خاشقجي» الذي تم التعامل معه من قبل الحكومة السعودية، وإيضاح ملابساته للعالم.
ويكشف البرنامج السر في تجاهل الإعلام الأمريكي لتلك الحادثة، لأنه لم يكن يرغب في التغطية الشاملة، حتى لا تؤثر في أوباما في الانتخابات التي لم يتبق عليها سوى عدة أسابيع، والتغطية المكثفة تعني إظهار نجاح العملية الإرهابية في هجومها على السفير ومعاونيه، والتي ستكون ضد أوباما، وربما قد تؤثر في إعادة انتخابه مرة أخرى.
لذا تجاهلت وسائل الإعلام الأمريكية المؤيدة لأوباما الحادثة، لأنها لا تتناسب مع أهدافها ولا تدعم توجهها في إعادة انتخاب أوباما.
في المقابل تعادي كثير من الصحف والقنوات الأمريكية الرئيس الأمريكي ترامب، لذا يتعمدون تكثيف التغطية للأزمة السعودية واستغلالها في فترة الانتخابات. والحاصل أن الإعلاميين يتعامون قصداً عن العدل والتوازن، من أجل خدمة أهداف ظاهرة وباطنة، وتحقيق مصالح إيديولوجية، سياسية، واقتصادية ضاربين بالمصداقية والموضوعية عرض الحائط.
الازدواجية في التعامل الإعلامي مع الأحداث، لا يفسرها سوى الهوى والبعد عن المهنية في العمل الإعلامي، الذي زاد تلوثه وتلونه مؤخراً، وأضحى الإنتاج الإعلامي في بعض المؤسسات الإعلامية رديفاً للكذب والخداع، وساءت سمعة ممتهنيه، والقائمين على الصناعة الإعلامية في كل العالم.
الأزمة التي يمر بها وطننا، والحرب الإعلامية التي نخوضها ضد أقطاب الشر والضلال «الجزيرة» القطرية وأخواتها الناطقات بالعربية أو بالإنجليزية، أوضحت الازدواجية التي يعاني منها إعلام الكذب في التغطية المضللة، ونشر الأكاذيب الرمادية، التي تأخذ جزءاً من الحقيقية، وتغفل أجزاء أخرى، لتنسج قصة قابلة للتصديق والانتشار بين الجمهور، الذي زاد وعيه، وأصبح محيطاً بأساليب التضليل غير المباشرة.
كما تجلت عملية تبييض الأخبار في الأزمة الحالية عبر «الجزيرة» التي تنقل عن أخواتها تمويلاً وأهدافاً، وتنقل كذلك عن الصحف العالمية بعد نشرها الأولي للتسريبات، وإعادة التدوير مذيلة الخبر بمصدر له ثقله في السوق الإعلامي، لتوهم متابعينها وجمهورها بأن المصدر تلك الصحف الكبرى، فخلال عملية تبييض الأخبار تسعى «الجزيرة» لزيادة عدد المصادر، وذَر الرماد في العيون بتعددية المصادر التي تستقي منها أكاذيبها وتسريباتها.
وقد كشفت هذه الأزمة بما لا يدع مجالاً للشك البعد الاستخباراتي في عمل القناة القطرية، التي دأبت خلال هذه الأزمة بالاعتماد على تسريبات الاستخبارات التركية، التي تميط اللثام عن دورها الاستخباراتي المغلف بالعمل الإعلامي، للإضرار بالسعودية وصورتها أمام العالم.