«الجزيرة» - عبد الله الهاجري:
سابقت الإصلاحات الاقتصادية السعودية صفقات اليوم الثاني لمبادرة منتدى مستقبل الاستثمار في الرياض، وحظيت باهتمام قادة الأعمال والمؤسسات المالية في العالم الذين حضروا أمس الأول، وذلك عندما تم الكشف عن إجراء أكثر من 400 إصلاح جوهري، سواء من الناحية التشريعية أو التنظيمية.
وعزز الوضع المتين للمالية السعودية من تشجيع المستثمرين للدخول في نقاشات حول الفرص الاستثمارية خاصة في ظل وجود احتياطيات نقدية سعودية بأكثر من 1.8 تريليون ريال. في الوقت الذي يشهد فيه اقتصاد المملكة نمواً متصاعداً، ومتانة وضع الاحتياطات النقدية التي بلغت 1.8 تريليون ريال بنسبة نمو بلغت 1.4 في المائة، تواصلت أمس الأربعاء لليوم الثاني لفعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار وذلك بمشاركة واسعة من الخبراء والرياديين عبر العالم في مجالات الذكاء الصناعي والتحول الرقمي، حيث عكست المبادرة البيئة الاستثمارية السعودية الجاذبة للاستثمار الأجنبي في مختلف المجالات.
وحظي اليوم الثاني بعقد جلسات وورش عمل ولقاءات ثنائية أثمرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات، فيما كانت قاعات فندق الريتز كارلتون بمدينة الرياض تعج بنحو 4000 من الضيوف من مختلف دول العالم إلى جانب 150 مشاركاً، مستكملين ما تم في اليوم الأول من توقيع 25 مذكرة واتفاقية استثمارية بقيمة تجاوزت 200 مليار ريال سعودي.
تسلط الأضواء على «مستقبل القطاع المالي»
احتل موضوع الأسواق المالية مكان الصدارة في صباح اليوم الثاني من فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار، حيث اجتمع نخبة من المستثمرين العالميين وأثروا الجلسات الحوارية بمشاركة آرائهم حول مستقبل الأسواق المالية وجمع الاستثمارات. وقد شاركت «مويليس»، من خلال ممثلها إيرك كانتور، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، في جلسة حوارية ضمت أيضاً المهندس إبراهيم العمر، محافظ الهيئة العامة للاستثمار بالمملكة، وسمير عساف، الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية العالمية والأسواق بمجموعة إتش إس بي سي، والسيد شوجون لي، مؤسس ومدير «ترست بريدج بارتنرز».
استهل السيد سمير عساف، متخذاً منظور الصورة الشاملة، مداخلته بقوله: «إننا حينما ننظر إلى الأمور على المدى البعيد فإننا سنلاحظ أن الاقتصاد العالميّ يحرز نمواً حقيقياً مستمراً، ويعود الفضل في ذلك إلى الأسواق الناشئة التي تحتضنها البلدان النامية في كل من آسيا والشرق الأوسط».
فيما لخّص معالي المهندس إبراهيم العمر الجهود التي تبذلها المملكة لمساعدة المستثمرين من جميع أنحاء العالم على الوصول إلى السوق المحلية السعودية، بقوله إن المملكة تعمل بشكل وثيق مع البنك الدولي وتمّ تحديد 400 إجراء إصلاحي للمنظومة الاقتصادية، تم إنجاز 40 في المائة منها، وإلى هذه الإصلاحات يعود الفضل في تحفيز المملكة على إصدار قانون للإفلاس، وتأسيس مركز للتحكيم التجاري وإجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية الأخرى مما جعل من الممكن أن تطلق اليوم شركتك التجارية في المملكة عبر الإنترنت في غضون 24 ساعة فقط».
ومن خلال تأمل آثار التقنيات الحديثة، أدلى السيد سميرعسّاف بقوله: إن قطاع التقنية المالية يزخر بفرص هائلة جداً بالنسبة للبنوك والمصارف وذلك لأن هذا القطاع يشغله «مشغلو خدمات متخصصون ومبتكرون ويعملون وفق إدارة سلسلة، مما يمكنهم من إيجاد الحلول بسرعة وإضفاء المزيد من القيمة الاقتصادية على بيئة أعمالنا التجارية».
من جهته، أبرز المهندس إبراهيم العمر أيضاً أهمية الابتكار، قائلاً: إن التقنيات الحديثة هي ما يقلقه، وذلك لأنه حريص على استفادة المملكة من أي تقنية مالية واعدة، ولأننا «لا نريد أن نفوت علينا أي فرص».
ومن وجهة نظر جغرافية، تحدثت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي بجمهورية مصر، عن الفرص الاستثمارية التي تزخر بها بلادها، وأشارت إلى «أننا نريد أن نخلق وظائف وفرص عمل جديدة، ونرفع من مستوى الإنتاج، إننا حريصون على جذب استثمارات أجنبية عالية الجودة لا تكتفي بجني الأرباح والعوائد فقط بل تضع بعين الاعتبار البيئة والمجتمع في سير عملها واستراتيجياتها».
وكمثال على بعض القطاعات الواعدة ذكرت الدكتورة سحر نصر «قطاع السياحة كمجال حيوي فضلاً عن قطاع العقارات». وقالت إن مصر درست مجموعة واسعة من خيارات التمويل، بما فيها التمويل بالأسهم الخاصة؛ وأشارت إلى أن مصر «تضع اللمسات الأخيرة على مجموعة من عمليات الاكتتاب العام ستجريها بالتعاون مع نخبة من كبرى المصارف الاستثمارية».
من ناحية أخرى، بعيدة عن الأسواق العامة، تحدث باتريك شونغ، المستثمر والمدير المؤسس لشركة M31 في مداخلته عن العوامل التي تؤدي للنجاح في قطاع الأسهم الخاصة، مصرحاً بأنه «لا بد أن تراعي بحرص شديد الدورة الاقتصادية بمجملها، لأنه من السهل أن تحقق نتائج جيدة في غضون ثلاث سنوات، لكن هل تستطيع حقاً أن تكرر هذا النجاح على مدى الخمس والعشرين سنة المقبلة».
هذا ويذكر أن فعاليات اليوم الثاني من المبادرة افتتحت في وقت مبكر بمنتدى تمحور حول موضوع «بيئة أفضل للأعمال التجارية» ضمّ ست جلسات حوارية ثرية ناقشت العلاقة بين الأعمال التجارية والشركات وبين الاستدامة والفرص الاقتصادية التي تخلقها هذه الأخيرة.
وخلال هذه الجلسات أدلت ماريان لايغنو، نائبة الرئيس التنفيذي للقسم الدولي بمجموعة إي دي إف، بقولها «لا بد أن نعمل على موازنة مزيج الطاقة المستدامة التي نستعملها اليوم، وللقيام بذلك لا بد أن ندرج الطاقات المتجددة إلى المعادلة فضلاً عن الطاقة النووية، لأنها خالية من الكربون».
من جانبه، أشار بول هولثوس، الرئيس التنفيذي للمجلس العالمي للمحيطات، إلى عدة مجالات في الاقتصاد البحري شهدت نمواً قوياً وخلقت الكثير من الفرص الاستثمارية، من ضمنها «تربية الكائنات الحية المائية»، التي وصفها بقوله «إنها منظومة الإنتاج الغذائي الأسرع نمواً على وجه الأرض خلال العقدين الماضيين، حيث إن هذا المجال شهد نمواً بمعدل سنوي قدره 7.5 في المائة على مدى عشرين عاماً الماضية».
وأشار زياد أبو غرارة أيضاً، الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن إلى مدى أهمية الاستدامة البيئية بالنسبة للاستثمار في المشروع السياحي «البحر الأحمر»، قائلاً «إن أصول هذا المشروع تتمثل في صحة البيئة البحرية وإنتاجيتها، ولذلك تعد الاستدامة البيئية أمراً أساسياً بالنسبة له».
التوقيع على مشروع ضخم بـ10 مليارات دولار بقطاع السكك
أكد وزير النقل الدكتور نبيل بن محمد العامودي أن الوزارة تعمل بجهد لرفع الكفاءة في قطاع النقل من خلال الإنجازات على أرض الواقع ومواجهة التحديات المختلفة سواء من ناحية الأعباء المالية أو البيئية، مشيراً إلى وجود شواهد وإنجازات كثيرة ملحوظة على مختلف الأصعدة في المملكة.
وقال الوزير خلال مشاركته يوم أمس، في جلسة بعنوان «مستقبل غامر»، ضمن فعاليات «مبادرة مستقبل الاستثمار 2018»: «إن قطاع النقل أحد القطاعات الحيوية التي لا غنى عنها، في ظل التطور والتحول الرقمي المتسارع».
وأضاف يقول: «ومن خلال المدن الذكية التي سنتمكن من تفعيلها بشكل يتوافق ويتلاءم مع كافة الوسائل الأخرى، كما هو في المترو وتنظيم الحركة المرورية والنقل العام جميعها تعمل بتناسق، إضافة إلى الاستفادة من البنى التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص للتشغيل والتمويل والاستدامة لهذه المدن بكفاءة عالية».
وعن مدى استفادة قطاع النقل من التحول الرقمي، قال: «بدأنا بعمليات التحول الرقمي من خلال رفع مستوى الانتظام في عمليات الاستيراد والتصدير للسلع والبضائع في الموانئ وكذلك إدارة الشاحنات عبر أنظمة التتبع، وذلك انعكس إيجابياً على رفع مستوى السلامة في الطرق، وجميع ذلك من خلال تفعيل دور القطاع الخاص وبالتحديد مع شركات وطنية والاستفادة من خدماتها مثل شركة تبادل وشركة علم، الى جانب رفع كفاءة النقل العام من خلال بعض الخدمات التي نعمل على استحداثها مع بعض الشركات حالياً نحو تفعيل النقل التشاركي للشاحنات».
وحول التحديات التي تواجه المستثمرين في النقل عبر الحدود وما إذا كان هناك حلول في استخدام التقنية، بين معاليه أن الهيئة العامة للجمارك لديها اتفاقيات مع الإمارات العربية المتحدة وكذلك مملكة البحرين والتي رفعت انسيابية النقل إضافة إلى العمل على حلول تقنية «البلوك تشين» مع بعض الشركات المتخصصة التي تدعم تنظيم تبادل المعلومات لتكون أسرع وأكثر أمناً وكفاءة في إنهاء عمليات الدخول والخروج عبر الحدود للشاحنات للحد من هذه التحديات.
إلى ذلك كشف وزير النقل عن توقيع 3 اتفاقيات تتمحور حول قطاع السكك الحديدية في المملكة، من ضمنها اتفاقية وقعت بين هيئة النقل العام وشركة صينية لربط موانئ في سواحل المملكة الشرقية بالغربية.
وقال العامودي في مقابلة مع «العربية» على هامش فعاليات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار إن قيمة هذا المشروع تراوح بين 10 و11 مليار دولار، ويتكون من 1200 كيلومتر من السكك الحديدية، لافتا إلى أن تنفيذ هذا المشروع قد يستغرق وقتاً نظراً لضخامته. وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات تأتي استكمالاً لتدشين قطار الحرمين السريع قبل 3 أسابيع، وكل ذلك يصب في إطار تطوير قطاع السكك الحديدية في السعودية.
معاملاتنا مع المؤسسات الأجنبية لن تتأثر
أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي أن معاملات المؤسسة مع المؤسسات الأجنبية لن تتأثر بمن حضر مؤتمر الاستثمار ومن لم يحضر في»مبادرة مستقبل الاستثمار».
وفي مقابلة مع قناة «العربية»، قال الخليفي: «لا ننظر للأمور بهذه المقاييس، ونتعامل بكل حرفية ومهنية». وشدد على أنه «لا علاقة لحضور المؤتمر بمنح التراخيص للبنوك الأجنبية، فنحن نتعامل بمهنية، وكل ما يحكى غير ذلك هو مجرد تكهنات». وقال: «نحن منفتحون على الطلبات الجديدة لمنح تراخيص للعمل في المملكة». وشدد الخليفي على أن التدفقات الخارجة من المملكة خلال الأسبوعين الماضيين طبيعية.
(سابك) ترسم مستقبل الاستثمار العالمي
أوضح نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي يوسف بن عبد الله البنيان، أن التقنية تسهم في تغيير واقع الاستثمار بشكل كبير، وتضطلع (سابك) بدور رئيس في توجيه الاستثمارات لتقليل المخاطر وتحسين فرص النمو للمستثمرين في المملكة وخارجها».
وقال البنيان خلال مشاركته أمس في حلقة نقاشية بعنوان «النمو المطرد» ضمن فعاليات «مبادرة مستقبل الاستثمار 2018»: «نعتز بإظهار التزام (سابك) وإنجازاتها القوية على صعيد شراكاتها الاستراتيجية مع الأطراف ذات العلاقة في جميع أنحاء العالم، وتجاوز توقعات المستثمرين، وتوفير الفرص لقيادة الثورة الصناعية الرابعة».
وأكد الأهمية الكبيرة لصناعة البتروكيماويات في نمو وازدهار القرن الواحد والعشرين، مع وصول عدد سكان العالم إلى ما يقدر بنحو تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050م، فإن تلبية احتياجات هذا العدد المتزايد يتطلب النمو المستدام.
وأشار إلى أن (سابك) قادرة على تأدية دور رئيس في تعزيز صناعة السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وتطوير مواد أخف وأقوى للطائرات والقطارات والسيارات، وإنتاج الأسمدة المتقدمة التي تزيد كميات المحاصيل من نفس المساحة دون الحاجة إلى التوسع في الرقعة الزراعية. وسلط الرئيس التنفيذي لـ(سابك) الضوء على مكانة الشركة الفريدة التي تمكنها من الاستفادة من الزبائن العالميين في المملكة، من خلال علاقاتها المتميزة في السوق، ما يمكنها من الإسهام في خلق فرص عمل في المملكة، في إطار هدفها المتمثل في العمل كأداة تمكين رئيسة للرؤية السعودية 2030م.
«الحج والعمرة» توقّع مذكرتي تفاهم لتطوير خدماتها
وقّعت وزارة الحج والعمرة مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا وتعزيز البنية التحتية الرقمية والحوسبة السحابية، في إطار السعي نحو استثمار أفضل الوسائل والأساليب التقنية المتاحة في تطوير الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، وذلك على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار. وتأتي مذكرات التفاهم الموقعة برعاية الهيئة العامة للاستثمار ضمن مبادرة «استثمر في السعودية»، التي تم إطلاقها كجزء من برنامج التحول الوطني بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، سعياً إلى دعم وزيادة الوعي بالفرص الاستثمارية التي تقدمها المملكة للمستثمرين المحليين والإقليمين والدوليين. ووقّع معالي وزير الحج والعمرة الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، المذكرة الأولى مع شركة «إس أي بي» الألمانية، لتطوير تقنيات سحابة مبتكرة لتحويل العمليات المطلوبة، التي مثلها نائب الرئيس والمدير العام لجنوب أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «إس ايه بي» ستيف تزيكاكيس، بينما وقع معالي الوزير المذكرة الثانية مع المدير التنفيذي لشركة سيسكو السعودية سلمان فقيه، بهدف المساهمة في تعزيز البنية التحتية والخدمات الرقمية لوزارة الحج والعمرة. وسيؤدى التوجه نحو استخدام خدمات الحوسبة السحابية إلى تقليل تكلفة تكنولوجيا المعلومات الحكومية إلى نحو 25 إلى 50 في المئة، لما توفره من تقنيات ومرونة عالية في استخداماتها. من جهته، قال معالي وزير الحج والعمرة : «إن التحول الرقمي يتماشى مع رؤية 2030 لجعل الحجاج ينعمون برحلة من السلام والهدوء، ومع نمو عدد الحجاج بشكل مطرد، يمكننا الارتقاء بالأنظمة السحابية لتعزيز عملياتنا، وهذا بدوره سيساعد على تحسين فعالية كل من موظفينا والبنية التحتية، من أجل تحسين تجربة السفر للجميع». وتسعى وزارة الحج والعمرة من خلال مذكرتي التفاهم للتحول الرقمي إلى تطوير منظومة العمل الإلكتروني الخاص بخدمات الحج والعمرة بما يحقق السرعة والمرونة في الحصول على الخدمات والوصول إلى المعلومات وفق أفضل المعايير التقنية والأمنية المتبعة في هذا المجال، إذًا سيتم استخدام منصة رقمية سحابية تتيح توحيد جميع البيانات المتعلقة بالحج، باستخدام تقنية «إس إي بي»، وبالتعاون مع مختلف وكالات السفر في جميع أنحاء العالم فضلاً عن توفير إمكانية حصول الوزارة على كامل إحصاءات تجربة السفر للحجاج في حينها، الأمر الذي سيتيح تحسين إدارة الحشود، والنقل،وتقديم وتنظيم الخدمات اللوجستية، مع ضمان صحة وسلامة الحجاج في جميع الأوقات.