محمد سليمان العنقري
مصطلح القوة الناعمة أطلقه الأستاذ في جامعة هارفارد « جوزيف ناي « عام 1990 م ثم قام بتأليف كتاب بنفس الاسم عام 2004 م فهذه القوة المعنوية بمختلف أنواعها يكون لها تأثير كبير على تنمية الاقتصاد وزيادة عمق التأثير العالمي للدولة.
فالقوة الناعمة يتوسع مفهومها لمناحٍ عديدة كنشر الثقافة والفن وتطور البنية التحتية بالدولة إضافة لتسويق الأفكار والمشاريع الاستراتيجية إعلامياً مع استخدام الدبلوماسية الرشيقة في ذلك، ويعد الإعلام محوراً رئيسياً تلتقي عنده كل مشاريع وأفكار استخدام القوة الناعمة، والمملكة في ظل مكانتها الإقليمية والعالمية الكبيرة فإن استثمار بالقوة الناعمة يعد ركيزة أساسية وسلاحاً مهماً للاقناع والقبول لأفكارها ومشاريعها التنموية خصوصاً بعد إطلاق رؤية 2030 م التي تعتمد على الشراكات التجارية الدولية وجذب الاستثمارات.
كما أن التحديات الجيوسياسية وما تواجهه المملكة من حروب إعلامية منذ سنوات تقوم بها أطراف معادية تهدف لنشر الفوضى ومنع الاستقرار بالمنطقة بالوقت الذي تقف السعودية بحزم ضد هذه المشاريع وتعمل على إعادة السلم للدول العربية التي غاصت بمستنقع الفوضى، فالدول التي تسهم بنشر الفوضى ركزت على عديد من الأسلحة من أهمها الأعلام مثل قطر وقناتها الجزيرة إضافة لمئات المحطات الفضائية والصحف والنشرات الإلكترونية والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني بالدول الغربية وتقوم هذه الدول بعمل ممنهج في حملاتها الإعلامية مثل ما يحدث بقضية وفاة جمال خاشقجي من تجييش وحملات مغرضة ضد المملكة التي كانت شفافة في بيانها حول الحادثة واتخذت إجراءات صارمة وأربكت هذه الجوقة الإعلامية المعادية بالوضوح ونشر الحقيقة كما تم التوصل له حتى اللحظة.
لكن الإجراءات الرسمية لا بد أن يواكبها آلة إعلامية ضخمة مهنية متنوعة والمملكة فيها مؤسسات صحفية عريقة ووسائل إعلامية عديدة يمكن البناء عليها وتقديم دعم لها يعزز من حضورها الدولي وليس المحلي فقط ويمكنها من استقطاب الكفاءات الصحفية والتوسع باستثماراتها لتعميق قوتها وحضورها المطلوب وليكن ذلك جزءاً من الاستراتيجية الإعلامية الشاملة ودعم قدرتها على شراكات وعلاقات مع نظيراتها الدولية لتشكل نواة لسياسة التشبيك الإعلامي المطلوب لتحقيق أهداف عديدة كالتسويق للاقتصاد المحلي وكذلك لكافة قضايانا بشتى المجالات.
الأزمات تولد الفرص وتنبه لمكامن الخلل وإذا كان إعلامنا بوضعه الحالي قدم ما يستطيع لخدمة الوطن وكذلك فعل المواطنون الذين يتفاعلون بوسائل التواصل الاجتماعي ولم يتركوا الساحة للأعداء إلا أن كل ذلك لن يصل بنا لما نطمح له من قوة إعلامية تواكب حضورنا السياسي والاقتصادي القوي دولياً ما لم يتم التركيز على الاستثمار بالقوة الناعمة وعلى رأسها الإعلام بكافة وسائله.