تركي بن سعد البواردي
منذ منتصف عام 2015 ونظرًا للمتغيرات السياسية والاقتصادية اضطرت الدول الكبرى إلى إعادة دراسة مفهوم المصالح وخلص ذلك إلى أهمية تبنّي إستراتيجيات جديدة متوسطة وطويلة المدى تخدم أهدافها خلال العقدين القادمين بحيث تكون المصلحة الخاصة أولًا وتجنب أحداث ضرر لا يمكن علاجه في علاقاتها الدولية ثانياً.
ولا شك أن المملكة العربية السعودية تعتبر من أهم الدول الإقليمية في الشرق الأوسط وقارة آسيا والتي تسعى الدول بمختلف مستوياتها للتوافق والعمل معها لدعم إستراتيجياتها وتحقيق مصالحها. وبناءً عليه فأصبحت الحاجة إلى إعادة رسم مفهوم الأمن القومي للمملكة العربية السعودية ضرورة ملحة لتجاوز المتغيّرات السياسية والاقتصادية خلال العقد القادم.
«يقاس مفهوم الأمن القومي بمدى غياب المخاطر التي تهدِّد القيم المكتسبة وغياب الخوف من أن تتعرَّض تلك القيم إلى هجوم حقيقي»، فالأمن يتم قياسه نسبة إلى التهديدات القائمة والمحتملة (تحديدها، شرحها، قياس حجم التهديد، آثارها، الخطط لتفاديها وردعها) وحيث إنه من غير الممكن تحقيق أمن مطلق ضد كل التهديدات المحتملة فمن المهم تحديد مستويات مقبولة من انخفاض الأمن وخلق الأدوات التي تساعدنا في الحفاظ على أمننا القومي وقيمنا المكتسبة، ورفع مستوى السلوك الذي يستهدف خلق الفرص المواتية لحفظ الحق في البقاء. يتم تقييم الأمن القومي ليس بناءً على مفاهيم تتعلَّق بالقوة والضعف فقط، بل «أيضاً بالقدرات التي تكشف النوايا الخاصة بالتهديدات المدركة». ومن المعلوم بالضرورة أنه» لا يمكن التوصل إلى تحديد مفهوم دقيق للأمن القومي خارج نطاق المكان والزمان الذي يتحرك من خلاله وهو دائماً يخضع للتعديل والتطوير انسجاماً مع المتغيِّرات والعوامل الداخلية والخارجية ولكنه في المجمل يشير إلى تحقيق حالة من انعدام الشعور بالخوف وإحلال شعور الأمان ببعديه النفسي والجسدي».
يعرّف والتر ليبمان الأمن القومي بأنه «قدرة الدولة على تحقيق أمنها بحيث لا تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة لتفادي الحرب، والقدرة على حماية تلك المصالح إذا ما اضطرت عن طريق الحرب».
وحيث إن مفهوم الأمن القومي يعتبر ظاهرة مركبة ومعقدة ذات أبعاد متعدِّدة وترتبط بشكل وثيق في دراستها بين علوم الاجتماع والسياسة والقانون والاقتصاد والعلاقات الدولية فإن ما يضطر الدول إلى زيادة الاهتمام بدراسة الأمن القومي يكمن في عدد من الأسباب:
1- التوسع في مفهوم المصلحة القومية ليشمل مسألة ضمان الرفاهية للدولة بما يعنيه ذلك من تأمين مصادر الرفاه وحماية الترتيبات الداخلية وغيرها.
2 - زيادة معدلات الكراهية في منطقة الشرق الأوسط وتصاعد حدة الصراعات.
3 - زيادة معدلات الكراهية والاعتداءات بين المجتمعات المتطرفة في تديّنها.
4 - قيام الدول الكبرى بتوظيف المنظمات الدولية للإضرار بمصالح الدول الناشئة لتحقيق مصالحها.
5 - قيام التحالفات والتجاذبات السياسية والاقتصادية.
6 - مخاطر النزاع والاستيلاء على مصادر الطاقة والمعادن الثمينة ومصادر الغذاء والمياه.
7 - سدّ ثغرات العملية السياسية.
8 - إعادة تحديد حدود الأمن القومي الجغرافي محلياً وإقليمياً.
من أهم الأدوات التي تساعد على رفع كفاء الأمن القومي:
1 - إعادة تكوين مفهوم عمل البعثات الدبلوماسية في الخارج ليشمل:
دراسة مراكز القوى السياسة.
دراسة مراكز القوى الاقتصادية.
دراسة مراكز القوى الإعلامية.
دراسة مراكز القوى الاجتماعية.
دراسة مراكز القوى العلمية.
2 - دراسة مجتمع الدولة المستضيفة للبعثة الدبلوماسية بشكل كامل من جميع الجوانب.
3 - حماية البرنامج الاقتصادي للدولة من أي تأثيرات داخلية أو خارجية.
4 - تعزيز التنمية الفكرية.
5 - تخطي الحدود التقليدية في دراسة المخاطر والتهديدات لتشمل تخطي الحدود الجغرافية لصناعة نفوذ عن طريق البناء الإستراتيجي وصناعة حلفاء جدد.
نظريات في الأمن القومي:
إن قصر مفهوم الأمن القومي في إطار ضيق يمنعه من القدرة على تحصين المجتمع.
احترام الدول للحقائق على الأرض وتاريخياً يجنبها الكثير من الانكشاف السياسي.
انكفاء الدولة على نفسها يضعفها، وخروجها إلى محيطها الإقليمي يقويها.
** **
T7-77@live.com