عليك مني سلام الله ما صَحَتْ
على غصون أراكِ الدّوحِ ورقاها
كل صباح أو مساء تُطُّل علينا واجهات بعض وسائل الإعلام المسموعة، أو المرئية بأنباء سارة، أو محزنة مؤلمة تحفر أخاديد عميقة في شعاب النفس تبقى آثارها أزماناً طويلة..، ففي صباح يوم الأحد 20-1-1440هـ أبلغني أحد أبنائي برحيل - أبو ياسر - الأخ الحبيب محمد بن عبدالعزيز بن سليمان الناصر - رحيم شقيقي عبدالله - رحمهم الله - بأنه انتقل إلى رحمة الله صباح يوم السبت 19-1-1440هـ فتأثرت كثيراً مردداً هذه الآية الكريمة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وهذه سنة الله جل ثناؤه في جميع خلقه: حياة ثم ممات إلى يوم النشور - تغمده المولى بواسع رحمته ومغفرته، وقد أديت صلاة الميت عليه بعد صلاة عصر يوم الأحد 20-1-1440هـ بجامع الملك خالد بأم الحمام ..، ثم وري جثمانه الطاهر بمقبرة شمال الرياض، داعين المولى له بالرحمة، وحسن الوفادة:
كم راحل ولّيتُ عنه وميت
رجعت يدي من تُربه غبراء
وكانت ولادته في الدرعية 1-7-1373هـ، فنشأ وتربى بين أحضان والديه مع أخوته وأخواته في تآلف وتوادّ، ثم بدأ تعلمه القراءة والكتابة لدى أحد الحفاظ لكلام الله ببلده، وكان سريع الحفظ لبعض الآيات والسور مما سهل عليه الدراسة بالمرحلة الابتدائية في محافظة الدرعية حتى نال الشهادة بها بتفوق..، مواصلاً الدراسة حيث حصل على دبلوم معهد المساعدين الفنيين بالرياض، ثم تعين رئيساً لقسم المصانع الغذائية والعينات بالإدارة العامة لصحة البيئة في أمانة مدينة الرياض، وأخيراً تقاعد وهو على المرتبة الحادية عشر رئيساً، فكل أعماله تتصف بالإخلاص، والإنجاز والمرونة في إدارته، ورئيس، فهو يُعد معيناً ومُوجهاً لا مراقباً ومفتشاً مُستقصياً..، لعلمه أن تسيير الأعمال بلين وسهولة ورفق أولى من الشدّة، ولقد أجاد الشاعر حيث قال:
والنفس إن دُعيت بالعُنف أبيه
وهي ما أُمرت بالرفق تأتمر
وكان باراً بوالديه واصلاً لرحمه، وقد طبعه المولى على سلامة الصدر، وطيب المعشر -رحمه الله- ولئن غاب عنا أبو ياسر، فإن ذكره الحسن وحبه باقٍ ومقيم بين جوانحي مدى العمر.. مستحضراً هذا البيت:
فإن تك غالتك المنايا وصرفُها
فقد عشت محمود الخلائق والحلم
رحم الله الفقيد الحبيب، وألهم إخوته وأختيه وأبناءه وبناته، وعقيلته -أم ياسر- وأسرة الناصر ومحبيه الصبر والسلوان.
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف