رجاء العتيبي
موقف المملكة من قضية جمال خاشقجي -رحمه الله- تتسق تماماً مع قيم العدل والحق التي تتمتع بها بلادنا, ولا مجال لغير ذلك, أما من يستغل هذه الحادثة للنيل من بلادنا ويصفنا بخلاف ما نحن عليه, فلا نظنه يصل لمبتغاه طالما أن المتربصين ينطلقون من أحقاد متراكمة ويضعون أيدهم في أيدي لصوص وانتهازيين ومرتزقة من أقوام وأعراق مختلفة جمعتهم محاور الشر ابتداءً من حكومة الملالي الإيرانية مروراً بحكومة الحمدين القطرية وانتهاءً بالحزبيين من الإخوان وداعش والقاعدة.
يحسب لأزمة خاشقجي أنها أظهرت الأعداء على السطح كالعاملين في قناة الجزيرة القطرية وأخواتها, وبتنا نراهم رأي العين, فإذا بهم في منتهى القبح, وإذا بهم يفجرون في الخصومة, وإذا بهم يكيلون بمكيالين, وإذا بهم يتركون مساوئ العالم, ويركّزون على أي خطأ في بلادنا وينسجون حوله القصص والأباطيل, رأيناهم هنا وهناك ينبحون, يخربشون, يتطاولون, يكذبون, يمكرون.
والجميل في ذلك -بالمقابل- رأينا شعباً وفياً وقف مع قيادته, يصد المعتدي ويجابه الأعداء, وينتصر للحق, ويدافع عن بلاد التوحيد, قاد الحرب الإلكترونية باقتدار وأسكت الأصوات الناعقة, وجعلهم في كل مرة يعيدون حساباتهم, ويلجأون إلى خطط أخرى, وقف المجتمع السعودي وقفة رجل واحد أبهر العالم الغربي فوجدوه قوة ضاربة لا تتزعزع, وقال الصادقون منهم (هنيئاً لكم بهكذا بشر), وفي الوقت ذاته نثمّن كسعوديين موقف الحكومات والشرفاء والمغرّدين إقليماً وعربياً وعالمياً الذي وقفوا مع الحق والشرف والعدل ولمسنا فيهم صدق المشاعر والحب والولاء لبلادنا.
لا تنطلي علينا أباطيل من يسمون أنفسهم (بالمعارضين) كلهم يعملون لصالح منظمات معادية لنا, هذا يتسلّم راتبه من منظمة طائفية, وذاك يتلقى دعماً من دولة عدوة, والآخر يأخذ نصيبه من قوى شريرة, قالوا كل ما يريدون قوله, وتعاونوا مع كل ما يمكنهم التعاون معه, خطّطوا, فكّروا, وقدّروا, ففشلوا وأفشلوا من معهم, وبقيت السعودية شامخة لا تهزها الرياح العاتية.
سيطوي الزمان هذه الأزمة, ولكن المتربصين باقون يتربصون بنا الدوائر, والسعودية أيضاً باقية كأقوى ما تكون, فقدرنا أن ننازل هؤلاء النفر, الموتورين, اللصوص, المشرّدين, الهاربين من أوطانهم, ننازلهم بكل شجاعة, فما عهدنا أنفسنا إلا كذلك, إذا قلنا قلنا حقاً وصواباً, وإذا ضربنا أوجعنا, ندير الرحى على ما نشتهي, والذي اختبرنا عرف قوتنا.