عبد الله باخشوين
ربما الآن فقط وبعد أحداث أسبوعين من (البروباجندا) والإشاعات.. أصبح واضحاً لدينا سبب إخفاق إعلامنا (الخارجي) في الوصول إلى المستوى الذي يمكنه من لعب دور فعال ومؤثر.. يمكن من خلاله نشر (دعاية مضادة) تقوم على الحقائق في مواجهة (بروباجندا) الإعلام والدعاية المضللة والكاذبة. أصبح واضحاً أن وصول (جمال خاشقجي) للكتابة في (الواشنطن بوست) لا يعود لكونه كاتباً متميزاً، لكنه يعود لأن هناك من يدفع للصحيفة ثمن المساحة المخصصة له، وهي ليست جهة ذات صفة رسمية، لأن أمثال (بوست) و(رويتر) وغيرها -في لغة المال- لا تحب أن تتعامل مع جهات رسمية أو شبه رسمية، وهنا تأتي أهمية أدوار بعض أجهزة الاستخبارات النشطة والفعالة.. لأنها تصرف المال وتقدم الهبات والمخصصات لأناس فاعلين في مؤسسات كبرى رجال أعمال محليين، تربطهم ببلدانهم كثير من المصالح.. وقد لا يطلب منهم شيئاً خلال مترات طويلة لكنهم يسربون عبرهم الأخبار ويعرفون منهم مصادر الأخبار، وقد يقومون بتعطيل نشر خبر أو بتحريف المعلومة التي وردت فيه.. أو تحذيرهم مما سيرد في تحقيق أو استطلاع ويكذبون أو يؤكدون أو يزورون.. أو يتجهون لشخصية ما للسؤال عن هذه القضية أو تلك طبعاً هذا يتم عبر أجهزة الإعلام المتعددة.. ويساعدون في تأمين سلامة مراسليهم في بعض المناطق الخطرة أو يحذرون من الذهاب إليها.. وهكذا كما لو أن الأمر أشبه بفيلم سينمائي من النوع الذي نتمتع أحياناً بمشاهدته.
القصد.. أن الإعلام الخارجي ليس مؤسسة أو جهة تابعة لوزارة (الإعلام).. لكنه الجهة التي تبث دعايتها للعالم من خلال مقولات مثل: (علمت الصحيفة من مصدر خاص) و(صرع مسؤول رفيع المستوى) و(قالت مصادرنا الخاصة) و(في حديث غير رسمي قال الـ.....) وكل هذه لا تصل أموالها في شيكات رسمية أو من جهات رسمية.. لكن معروفاً أن الكثير من أجهزة الاستخبارات لها مكاتب خاصة في مبانيها الرسمية، مهمتها تقوم على العلاقات الإعلامية، وتعتمد في مصادرها على شخصيات إعلامية.
صحيح أن بعض المعلومات التي تصلها تكون كاذبة لمجرد ضمان استمرار ضخ المال، لكن الكثير مما تتأكد من صدقه تقوم بنقله للمسؤولين أو تبث فيه (بطريقتها الخاصة).. مما يعني أن الجهات الإعلامية المختصة عاجزة عن لعب هذا الدور.. ولا هي «يا عمنا رشح أجدع كاتب عندك وخليه يحاول الكتابة في أي صحيفة مشهورة.. وبعدين قلي فين وصلت وإيش صار معاك».. الأمر الذي يعني أن دولة مثل المملكة العربية السعودية لا تستطيع أن تبني علاقات وثيقة تؤسس لإعلام خارجي فعال إلا من خلال بعض رجال الأعمال والتكنوقراط، وأصحاب الجهود النشطة التي ترتبط أعمالهم برجال أعمال كبار متنفذين في بلدانهم.. ومن خلال محاولة استمالة رجال الإعلام الذين يلتقون بهم ويجدونهم يحملون مشاعر ودية لبلادنا ورجالها، وهذه طبعاً لا يمكن أن ترقى للمستوى الذي تقوم به الجهات الاستخباراتية التي تقوم بإنفاق منتظم وقد نراه مجانياً وبلا ثمن، لكنهم يعرفون الوقت المناسب الذي يمكن أن يتحركوا فيه ليجنوا أضعاف ما أنفقوا.. وإلا كيف وصل مندوب قناة الجزيرة (علواني) لأن ينقل أجهزته وأدواته الخاصة بالبث المباشر لينقل لنا على الهواء مباشرة عمليات قصف الطائرات الأمريكية لأفغانستان ثم تخلت عنه بعد أن اعتقل في إسبانيا بتهمة الإرهاب.. وكيف هبّت في وجوهنا حتى (زبالة الصحف التركية) لبث ونشر الأكاذيب.. بأخبار تنسبها لمن تشاء دون أن تجد من يردعها أو يكذب أخبارها وإشاعاتها.. إنه مال كثير ينفق.. ووجوه (صفيقة) تبتسم وهي تقرأ سموم الأخبار التي صاغتها ودفعت لنشرها. هذا يعني -بالطبع- ضرورة قيامنا بإعادة النظر في مفهومنا لـ(الإعلام الخارجي)، وذلك بالنظر لأهمية خططنا الإنمائية المستقبلية.. التي لا بد أن يواجهها كارهو بلادنا بحملات أشد ضراوة.. ولا يوجد ما نعوّل عليه سوى التأكيد على القول:
- إننا سوف ننتصر عليهم بقوة إرادة وعزم (زين الشباب) والفريق الذي يعمل معه لتنفيذ رؤية المستقبل.