يوسف المحيميد
كنت إلى فترة قريبة لا أعرف من العاملين في حقل فن النحت في المملكة سوى النحات علي الطخيس، وغيره من أفراد العائلة ذاتها، حتى وقع بين يدي فنان نحت لافت ومميز، هو محمد الثقفي، الذي كان يعمل على مشروعه بصمت منذ أكثر من عشرين عامًا، وكذلك كمال المعلم الذي التحق بأكاديمية الفنون الجميلة بإيطاليا، وقدم العديد من المنحوتات والمجسمات الرائعة داخل المملكة وخارجها، وغيرهما من فناني وفنانات النحت ممن لم يسعفني الوقت بالتعرف على أعمالهم.
هؤلاء هم واجهة المدن وجمالها لو أتيحت لهم الفرصة، فالميادين والساحات في العاصمة الرياض، على سبيل المثال، لا يمكن أن تعكس ملامحها وثقافتها وتاريخها أعمال رخيصة من الصين وغيرها، لا تعكس هويتنا ولا تاريخنا، بل أعمال أبنائنا وبناتنا، ممن درس ومارس فن النحت والمجسمات، خاصة مع انفتاح البلاد على كافة أنواع الفنون، بمعنى أن هؤلاء لن يكرروا تجارب فناني الستينات، بوضع مجسمات المبخرة ودلة القهوة -مع اعتزازنا بهذه الرموز- وإنما سيعبرون بكل جمال وحرية وانطلاق عن المرحلة التي تعيشها المملكة، مرحلة البناء مجدداً، مرحلة التأكيد على الثقل السياسي والاقتصادي عالمياً، مرحلة فتح الأبواب على مجالات الفن والإبداع، دون قيود على ما يجب وما لا يجب، وفق تعليمات مجتمع تقليدي قديم.
هؤلاء الفنانون يوجدون هذه الأيام في الرياض، يصنعون الجمال والإبداع، استعداداً لفعالية «مسك آرت» التي ستنطلق الأسبوع ما بعد القادم، ولعل هذا مؤشر مهم أن الدولة ترحب بهم وتدعوهم وتدعمهم وتمنحهم الوقت والمكان المناسبين، كي يبدعوا على الصخر والرخام والأحجار المتنوعة، ولعلهم يقدموا قريبًا جمالهم المنتظر في ميادين الرياض، هذه المدينة تستحق الكثير، لتكون بوابة الفنون والآداب والإبداع عموماً، فقد صبرت طويلاً كي تلوح للعالم أن في أرجائها قدرات ومواهب مهمة وكبيرة، وتسعد بأن تفتح لهم ساحاتها وميادينها.