إبراهيم عبدالله العمار
في القرن العشرين، أنشأت أمريكا الكثير من المباني: ناطحات سحاب، منشآت تجارية وحكومية، منشآت خاصة، مجتمعات سكنية، وغيرها. الإسمنت طبعاً هو الأساس في التشييد، فاستخدمت أمريكا في ذاك القرن - كما هو متوقع - كمية ضخمة من الإسمنت من عام 1900م وحتى 1999م، تقدير هذه الكمية 4.4 مليارات طن من الإسمنت.
كمية هائلة، أليس كذلك؟ لكن إليك الرقم الهائل فعلاً: الصين استخدمت الكمية نفسها من الإسمنت... في 3 سنين! بل أكثر، فاستخدموا 6.4 مليارات طن إسمنت من 2001م إلى 2003م!
رقم يفوق الخيال. بيل غيتس قال إنه أكثر رقم صدمه لما رآه في تويتر، ولما دقق الخبراء في هذا الرقم الذي لا يصدَّق وجدوا أنه صحيح لا تشوبه مبالغة، ويعطيك هذا الرقم نبذة صغيرة عن حجم الصين ونهضتها المدهشة، وأيضاً عدد سكانها، فالصينيون يتكاثرون بغزارة، وفي الصين أكثر من 220 مدينة «صغيرة» لا يعرفها أحد، وتعريف المدينة الصغيرة هنا أنها تحوي أكثر من مليون شخص! القارة الأوروبية كاملة ليس فيها إلا 35 من مثل هذه المدن. حتى مدن صينية صغيرة مثل جينان وتشنغتشو عامرة بالناس أكثر من مدن عالمية كبيرة مثل لوس أنجليس وشيكاغو.
لكن هذا الرقم تصحبه مشكلات، فأولاً مصانع الإسمنت الصينية من مصادر التلوث، فمصانع الإسمنت عالمياً تصدر 5% من التلوث الكربوني، والصين لوحدها تملك أكثر من نصف مصانع الإسمنت في العالم، والتلوث في الصين مشكلة مخيفة، فالسرطان هو القاتل الأول، ويموت الآلاف كل سنة بسبب التلوث، وأضْحت المدن الصينية مكتسية بلحاف رصاصي سام. المشكلة الثانية أن البناء في الصين رديء، والفساد كثير، وبعض المباني (منها بعض أطول ناطحات السحاب في العالم) معرضة للانهيار بسبب ذلك، وبعضها يسقط في 20 أو 30 سنة ويعاد بناؤها من جديد.
لكن يظل ذلك الرقم مثيراً للدهشة. الصين كيان أضخم من أشد التخيلات شطحاً!