د.ثريا العريض
يوم الخميس وعند كتابة هذا المقال يكون قد مر 16 يوماً على اختفاء الإعلامي جمال خاشقجي, كمواطن دخل قنصلية بلاده يستلم أوراقاً لدواعٍ شخصية. وفي ظروف غامضة اختفى بعد ذلك وأعلن الأمن التركي أنه استلم تبليغاً بذلك من امرأة تدعي أنها خطيبته - نكتشف لاحقاً صلاتها المشبوهة بجهات سياسية عدائية-. استفاضت قناة الجزيرة في بث تفاصيل عن مصادر غير محددة, ونقلت عنها فضائيات غربية بل حتى رويترز، وظلت التكهنات والاتهامات تتطاير بطنين ذباب وجد جيفة.
بحلول صباح الأحد القادم حين ينشر المقال أتمنى أن يكون المحققون قد وصلوا رسمياً إلى حل لهذا اللغز المترامي التداعيات القبيح التفاصيل. وأن يكون ضمن ما سيعلن إثباتات ملموسة معتمدة وموثوق بها وبمصدرها تنهي حالة الادعاءات ونشر التفاصيل المفبركة المتقصدة للمملكة.
ومع هذا أتوقع أنه حتى بعد أن تنشر نتائج التحقيقات قد لا تقنع الإثباتات هذه فئة ما تصر على ادعاءاتها المسبقة ومواقفها المعادية للمملكة. ما هذه الفئة أو تلك من الراغبين ليس في التوصل إلى الحقيقة مهما كانت, بل يصرون على التوصل إلى «حقيقة» مفصلة حسب رغباتهم الخاصة.
أرجو ألا تستمر الحلقة المفرغة. القضية برمتها مقرفة ومفزعة, وتناولها بأسلوب التهويل ليس سبقاً إعلامياً, بل جريمة تشهير مقصود ضد المملكة يستدعي المساءلة المحاسبة والمعاقبة في حد ذاته. والمتابعة العالمية أخذت صيغة اجتذاب متابعي وسائل التواصل والقنوات الفضائية والإعلام الرسمي وغير الرسمي, وإغرائهم بالدخول إلى متاهة للبحث عما أخفي عن الباحثين .. حيث مثل لعبة الأطفال المعروفة هناك جهات واضحة وجهات متخفية, تبدو مظهرياً متعددة, تلقى للباحث إشارات تتوالى توجهه في اتجاه بعينه، ودخل في معمعة التعليقات كل من له شأن ومن ليس له شأن ومن على رأسه بطحة ومن يحمل صدره غلاً وحقداً. وكان لافتاً ومزعجاً للمسارعين لتجريم القيادة السعودية تشبث السعوديين بالثقة بموقف حكومة بلادهم, وهرعهم للتنقيب جدياً في المصادر, واستيضاح المعلومات المتضاربة حول تفاصيل الحدث, مصرين على لا معقولية الاتهام المسبق بأن للقيادة يداً فيه.
وللحق فإن معايشة السعوديين لإجراءات التحول السريع في المجتمع, في الفترة الأخيرة, أثمرت تحولاً إيجابياً في توقعاتهم من قرارات قيادتهم. ومع هذا فقد أظهرت هذه القضية أن للسعودية والسعوديين حساداً كثراً, أفراداً وأحزاباً وحكومات.. ولكل منهم سببه الخاص في تمني الشر لقيادتها الريادية , ومحاولة رش البنزين على النار, غالباً بأمل حرق نجاحاتها في تحقيق خطتها المتسارعة في التحول والتصدر, كي لا تبني بها المزيد من النجاح والعمار والأمجاد القادمة يخرجها من دائرة التبعية.
وبلا شك ستتفاوت ردود فعل المنتظرين عندما تعلن الحقيقة , ولكن الوضوح في النهاية لا بد منه ليتوقف الصيد في الماء العكر أو المتعكر بفعل فاعل، ونحن على ثقة ببراءة قيادة المملكة.