د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
عندما تُضاء مصابيح الثقافة في مصانع جديدة، وعندما تكون الخمائل التي يرتادها الفكر الثقافي من المشترَكات المحفزة، يتكون حتماً خطاب ثقافي فصيح جلي ترومه العقول ويسعد به الوجدان، وفي كل حراك جديد ثمة هناك سحب جديدة أيضاً تُشجينا زمجرة الرعد، ويبهرنا وميض البرق، وننتشي فرحاً حين زخات المطر، وكل ذلك المحيط له أشواقه اللاهفة؛ ليحدثنا عن بضاعة الثقافة عندما تستجلب البيئة أمينها وثمينها؛ وتحولها من أحاديث هامسة إلى حضور وافر متين، ولن أسهب في التمهيد لسرد حكاية الحراك الثقافي حين تسهم في تطوير رؤى الناس؛ وبيئاتهم إلا أنني سوف أنصبُ خيمتي في نطاق ذلك؛ لأروي شهادة حضور جدير بالإشادة؛ ذلكم هو ما صنعته ومضات الهيئة العامة للثقافة في كل مرتبع من بلادنا، ثم كان نبضه في منصات بلاد صديقة وشقيقة، وذلكم الحراك في كل لحظاته يبث كثيراً من الرسائل عن بلادنا تتمثل في نشر ثقافتنا ونهضتنا الحضارية الجديدة في قوالب سردية جميلة وفي فصول وعروض كمصهور عقد ذهبي ثمين أيضاً، وتقديم التراث الوطني الشعبي وإهداء مضامينه خارج حدود المحلية؛ فكان لثقافتنا صوت وجلبة وهيبة انكشف محيطها عن عناقيد ثقافية يانعة؛ وبدا صوت مرتادي الثقافة الشجي الذي ينطلق من البيئات السعودية الوافرة؛ وشجو مصانع المبدعين، وشدو صناعة النصوص في تشكيلاتها المختلفة، وكما هو ديدننا في تلك التظاهرات الثقافية يغلبنا الفضول فوعدتُ فضولي أن أعرف كيف كان الميلاد؟!، ومتى كانت تمائم المولود؟! ومن أسهم في الاحتفاء بميلاده؟!، ومن جلب عقيقته؟! فكان هناك صوت إعلامي بصير يسرد لي قصة الحراك الثقافي الممتد عندما تحركتْ القوافل، وأهدافه ومنابعه ومحفزات ميلاده الأول والآخر، فكان الطرح ينكفئ على مدلولات سخية تنسج الحرير وتستزرع الضوء في إرثنا الثقافي العريق لتضيء له الدروب، وترسم لوحاتنا وتصور مشاهدنا التي تختزل تاريخنا الأشم في معاني عليا؛ حتى تشرق شموس الوطن أشعة بيضاء، حيث الفنون والآداب تمثّل أعمق المشتركات الإنسانية.
ومازلنا ننتظر محاضن أخرى تضم خرائط الفنون في بيئات بلادنا لتشرق في فضاءاتنا والعالم، وحري بالثقافة أن تتأنق وتتألق وقد حازتْ وزارة جديدة لتشييد مشروعات ثقافية عملاقة تؤصل لحقيقة البناء الثقافي المنشود الذي يواكب منطلقاتنا الحضارية الجديدة.