رقية سليمان الهويريني
علاقتي بابنة أختي رقية محمد المحمود علاقة طفولة وصبا وشباب وحتى كهولة، ولم أكن اشترك معها بالاسم ونفس العمر فحسب! بل هي شراكة ذكريات جيل ومشاركة حياة بسيطة بعيدة عن الشكليات والمظاهر!
نشأتْ الراحلة رقية في أسرة طيبة متماسكة، فأختي الحبيبة (فاطمة السليمان) حفظها الله وأطال في عمرها امرأة عظيمة ربت أبناءها على حب الآخرين والتعامل معهم بود وصفاء وتضحية، والراحل أبي (محمد المحمود) رجل دمث الخلق كريم النفس واليد يملك صفاء بالنية ونقاء في السريرة فأكرمه الله بأبناء وبنات على مستوى عالٍ من الخلق الرفيع، والسلوك القويم، وبروا به حتى وافته المنية رحمه الله. والراحلة رقية بذرة في هذه الأسرة، شفافة الروح بشوشة الوجه، نقية السريرة لم أراها مكفهرة أو مقطبة الجبين أبدا أو تذكر أحداً بسوء.
كانت رقية معلمة للمواد الشرعية تؤدي عملها بتفان، وتشرح بإخلاص، وتعامل تلميذاتها برفق مغلف بحب وحنان جارف، ولو قرأت ما كتبته تلميذاتها في تويتر بعد وفاتها لعجبت من هذا الكم الهائل الذي حملته تلميذات الأمس وموظفات اليوم من مشاعر جياشة لمن علمتهم بدون عنف أو قسوة، حتى ذكرن كيف أن أسئلتها كانت تقويمية وليست تعجيزية!
ولئن رحلت رقية عن هذا الدنيا الزائلة فإنها قد تركت في نفوسنا الوجع، وفي قلوبنا الألم، وفي عقولنا الصدمة، حيث غادرت بسلام، وتركت أسرتها في رعاية رب كريم لطيف بهم.
رحلت رقية ولم تأخذ معها شيئاً غير عملها الصالح الذي أرجو أن يكون شفيعاً لها مع رحمة ربها، وتركت ذكراها الطيبة صدى سيسمعه أبناؤها ومحبوها من كل شخص قابلها فتبسمت في وجهه أو أخذت بخاطره أو منحته وقتها ولينها وعفويتها.
رحلتي يا رقية عن شريكة الصبا، وتركتينا كلنا نتقلب في آلامنا، فنعيد حساباتنا مع الناس، ونسترجع أفعالنا في دنيا تافهة لا تستحق الشحناء والعداوات أو البغض أو الحسد والغيرة والمناوشات والنزاعات السخيفة.
رحلتي لرب سيحسن وفادتك، ويجلسك في مكان يليق بك في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمحسنين وأني والله أراك منهم يا حبيبة! فانعمي في حياتك السرمدية ودعي لنا حياة اللهو العابرة حتى نلحق بك!
رحمتك ربي أرجو لها، ولطفك أنزله علينا يا رب!
رقية! أتقبل بك العزاء وأنا مكلومة حزينة واهنة!