رمضان جريدي العنزي
الحياة حبلى بالمواقف، والمواقف هي وحدها من تكشف الأقنعة، والأزمات هي من تكشف الحقيقة، فمن رام معرفة وصدق الناس ومواقفهم فليتأمل في المواقف، وليتأمل في أصحابها، إن قوى الشر والاستبداد استغلوا قضية الكاتب جمال خاشقجي أسوأ استغلال، روجوا الاتهامات الزائفة، كتبوا السيناريوهات الكاذبة، دونوا القصص ذات الحبكة الرديئة، صرحوا بعنتريات منافية للعرف الدبلوماسي والأخلاق، ألفوا جملاً كثيرة من الدسائس الخائبة، تاجروا بهذه القضية تجارة غش وفساد، مجاميع بغيضة من كل لون وصنف تجمعت مع بعضها، مثل فيروسات خطيرة، ودخان وأغبرة، لهم أهواء ورغبات ونزوات بليدة، قيعان نفوسهم مريضة، وأرواحهم سقيمة، ومخططاتهم شريرة، يريدون إهالة التراب علينا، وجلب الانكسار على الانكسار، نبت شوكي سام، وماء آسن ملوث، أفكارهم طائشة مدججة بالكذب والدجل، عقولهم ملوثة بالفتنة والخراب. إن بلادنا تواجه هذه الأيام تحديات كبيرة وخطيرة هذه التحديات تتكاثر بالنمو والانشطار. دول وهيئات ومنظمات وأحزاب وفرق وجماعات، كلهم صاروا موتورين ضدنا، يريدون حلوقنا، حقدا وحسدا وضغينة، يهدفون لتشويش وتشتيت المجتمع والنيل منه والإخلال بالأمن والأمان والمسيرة، عن طريق بث الإشاعات والتهويلات، والنيل من قدرات الوطن ولحمته ووحدته وسلامته وإنجازاته، ومحاولة التغريب والتشكيك وزرع الظنون والتأولات والتهويل، لقد تسلّطوا على بلادنا تشويهاً وإفساداً وزيفاً، وخلطوا الحابل بالنابل، إن الأرض والشجر والبيد والجبال وجهات بلادنا الأربعة لم تسلم منهم، رواد في الكذب والتنجيم وضرب الرمل والودع، عبثيون يخورون ويجولون في الساحة الإعلامية والسياسية بلا توازن، أدوارهم سلبية، وأعمالهم منافية للمبادئ والأخلاق، يريدون أن يعيدونا إلى العصور البدائية، حرباً وقتلاً وتناحراً وتطاحناً وشرذمة، ثقافتهم التأويل والتشكيك والتنفير، أمراض بشرية خبيثة انتشرت علينا بشراسة، ليقذفوا علينا بما يشبه السم الزعاف، ليس لهم لياقة لافتة، ولغتهم سوقية بحتة، وأسلوبهم متدن، لقد لعب هؤلاء العبثيون دوراً إعلامياً وسياسياً سيئاً، لا يعرفون المفردات الهادئة النظيفة، لكنهم يجيدون مفردات السب وجمل السفاهة والوقاحة، قصر يؤطرون للفتن والتشرذم، ليفرقوننا إلى طوائف وقوميات وفئات وأحزاب ومجاميع، أفاعي قرعاء، ألسنتهم ملوثة، يعيشون الفوضى والانفلات الأخلاقي ومشاكلهم النفسية جمة، في قلوبهم حقد، ومفراتهم شعوذة، ويعيشون في مناطق السواد، مشاعرهم الإنسانية لم تتحرك، وأحاسيسهم لم تستيقظ، وضمائرهم ميتة، وخالون من واو العطف، لأن لا وجود للعاطفة في قلوبهم التي أصبحت أقسى من الصوان، أباليس تختفي تحت ثياب الإنسان، أفاعي تحوم حول الرقاب، في دواخلهم براكين من الحقد والغل والحسد، لهم أجساد لكن ليس لهم أرواح، يحاولون أن يزرعوا بيننا بذور الشقاق والتشرذم ليفصلونا عن بعضنا البعض، ويخطّطون لتقطيع وطننا إلى أجزاء وأقاليم وحارات متنافرة ومتباغضة، ويتعاملون معنا وكأننا خارج دائرة الحياة، يحاولون باستماتة بمعاول هدمهم أن يدمرونا ويبعثرونا ويشتتونا ويمزقونا، ويستميتون أن تكون الفوضى الخلاَّقة هي الإعصار الذي يحمل بذور الشر والهدم والخراب والتشتت والتيه والضياع الكبير، لكن لم يعلم هؤلاء العبثيون أصحاب المعرفات الوهمية بأننا مثل بحيرة النار والكبريت، ولنا قبضة تشبه الحديد، ولن يفلحوا أبداً، لا قيد أنملة، ولا مثقال ذرة، ولن يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم ومبتغياتهم البغيضة ومخططاتهم الشريرة، ولن يكون لأصواتهم البغيضة صدى بيننا، ولا لمواقعهم الصفراء حضور، أقدامنا ثابتة، وعقولنا راشدة، ولغتنا هادئة، وحكمتنا بليغة، ثقتنا بأنفسنا عالية، واتحادنا شديد، وجدرنا صلدة عالية ومنيعة وعصية على أن يتسلقها أحد.