خالد الربيعان
عندما قرَّرت بعض الشركات الكبرى عالمياً الاتجاه للإعلان والشراكة قامت بذلك مع أكبر واجهة رأوها من وجهة نظرهم وهي مؤسسة ونادي ريال مدريد في إسبانيا، أكبر الأندية الأوروبية إنجازاً ونادي القرن العشرين في أوروبا، يعلنون عبر ملعبه وفي متجره الرسمي وعلى قميص اللاعبين، ويدفعون مبالغ تمثّل نصف ما كانوا سيدفعونه مقابل هذه الخدمات في أي وسيلة إعلان أخرى! وما كانوا سيصلون لنفس هذه النتائج المبهرة.
إذا نظرت الآن لرعاة ريال مدريد ستجد أنه لا علاقة لهم بكرة القدم كتخصص! فمن رعاة النادي والمعلنين معه: مؤسسة طيران الإمارات، آيبيك الإماراتية للطاقة، أودي الألمانية للسيارات، ميكروسوفت العملاقة للبرمجيات، هوجو بوس الألمانية للأزياء والجمال، كوكاكولا للمشروبات، نيفيا للمستحضرات، سانيتاس للخدمات الصحية، بنك أبوظبي الوطني، أوريدو للاتصالات، وسامسونج العملاقة، وSTC الشركة السعودية للاتصالات!
عندما تم أخذ رأي الخبراء وآخرهم وكيل معهد يوهان كرويف للتسويق والاستثمار الرياضي: استشهد بريال مدريد وقال «إنه يعتمد في جلب اللاعبين وغيرها من النفقات الخاصة بالنادي على شركاء وممولين، وليس أفراد أغنياء (داعمين) كي يجلبوا لاعباً أو يشتروا آخر.. على الأندية الأخرى السير على هذا النموذج»
هذا عن الأندية.. أما لماذا قرَّرت الكيانات التجارية من جهتها: التلامس والاحتكاك مع علامات أخرى ولكن في مجال آخر تماماً واقتصاد من نوع مغاير؟ اقتصاد كرة القدم:
لأن كرة القدم هي أول صناعة شرعية على مستوي العالم من حيث المداخيل والأرباح وأرقام التعاملات التجارية والمالية حول العالم! ولأن حجم سوق الرياضة حول العالم وصل إلى 145 مليار دولار! هذا الرقم ما معناه! أنه أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 110 دول! إذن هو سوق كبير جداً..
ولأن صناعة كرة القدم تضم أغلب الصناعات والتجارات الآن! صناعة التكنولوجيا، المعمار والبناء، صناعة الغذاء، الملابس، التسويق، الصحافة والإعلام (كفرص عمل داخل المجال)، البث الفضائي والتلفزي، التدريب والإدارة، السياحة..
! Full package industry أو صناعة شاملة تضم تحتها العديد من الاقتصادات الأخرى.
لماذا استحق ريال مدريد أن يكون بهذا النجاح في مجال الرعاية.. لأنه يقدّم بالضبط ما يريده الراعي: النجاح! النادي ناجح في أرض الملعب! فضع نفسك مكان الشركة واستعرض الأندية العالمية قبل أن تخاطبها للشراكة: ستجد أن ريال مدريد هو الأنجح وبشكل غريب في قارته تحديداً، فالبطولة الأكبر وهي دوري الأبطال قد فاز بها 13 مرة! 13 نهائي يفوز بهم الملكي من أصل 16 نهائياً! منها 4 بطولات في آخر 5 سنوات، وآخر 3 متتالية، على أتليتكو مدريد في نهائي 2014، ثم يزيد من حزن جماهير الأتليتي في نهائي 2016! لا رحمة، ثم فوز بالأربعة على يوفنتوس نهائي 2017، وبالثلاثة على ليفربول في نهائي «صلاح وراموس» الشهير!
ليس هذا فقط، بل توافد رموز الرياضة على صفوف النادي وارتداء قميصه هو العامل الثاني، ليس منذ الألفينات فقط، بل هذه سياسة الريال منذ البدايات، عندما جاء ببوشكاش وديستيفانو، ثم رونالدو وزيدان وبيكهام وفيجو ثم كاكا وبيل وكريستيانو رونالدو! ...كل نجم من هؤلاء هو منصة إعلانية مستقلة في حد ذاتها.. تخدم علامة الراعي التجارية!
شرق أوسطية!
الدليل أن نجاح الأندية فنياً وبطولياً وتاريخياً هو «مغناطيس» الرعاة رقم واحد: أن 5 من أكبر 8 أندية تحقيقاً للأرباح والإيرادات عالمياً: في رعايات مع شركات عربية! مثل الإمارات والاتحاد للطيران، فلماذا لم تتجه هذه الكيانات إلى أندية أخرى ومنها الأندية العربية؟ إنه الفاصل الكبير من النجاح والتاريخ والانتشار، وتواجد النجوم العالمية!