مها محمد الشريف
يتزامن ظهور المغالطات والمساس بسيادة المملكة مع استمرار أزمة قطر ومقاطعتها، وظهور الجماعات المعادية الخاضعة لنظام الحمدين وعلاقتها الوثيقة بالإخوان، وجبهات خبيثة تنمو تدريجياً لاحتكار العنف حتى أصبح سلاحاً ضعيفاً ينعكس عليهم وينتمي لهم، وتجدر الملاحظة بأن المواقف المضادة سياسة متشظّية. بخلاف المواقف المشرّفة التي عبّرت من خلالها الأمانة العامة للجامعة العربية عن استنكارها لما يلمح له الإعلام الغربي. كما استنكر الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الحملة الإعلامية التي تتعرّض لها السعودية، وقال إن «ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام اتهامات زائفة وادعاءات باطلة لا تستند إلى حقائق، وتهدف إلى الإساءة إلى المملكة».
في شكل آخر من أشكال التحديات التي تواجهها المملكة، تلك الحملات المسعورة فمنهم من يبحث عن أهدافه، بل يسبح في فلكنا لإثارة الفوضى والشغب، ويعطّل التسوية في أي شأن سياسي أو اقتصادي لأن الحصاد الدبلوماسي لدى هذه الدول متواضع وأقل فعالية، فالمكونات السياسية اليوم بحث متفرّد عن المصالح ومؤامرت واغتيالات تحدث على نحو آخر لتوريط دول ذات سيادة بها.
لا شك أن تطور الصراع جعل العالم يفقد جزءاً أساسياً ومهماً من فلسفة التبادل والمعاهدات الدولية، فمنهم من يبحث عن تحقيق الهيمنة الوحيدة في العالم، ويريد التفرّد بالمركز الأول وعدم التسامح مع أي قوة مؤثِّرة غيره، ومنهم من يتوق إلى استمرار الثورات، من هنا يكون إدراك التحولات والرهانات التي يواجهها المجتمع الدولي في بعدهما الكوني إلى تضخم صراع التيارات السياسية.
بناءً على ذلك، فإن مهمة تأسيس تبادل المنافع بين الدول والناس أضحى أصعب من المطامع، وكانت خيارات الحرب والشقاق أكبر من فرص السلام، وهذا بلا شك يناقض فلسفة «آدم سميث» عالم الاقتصاد الأسكتلندي وهو من المنظّرين الأساسيين للاقتصاد الليبرالي، من أعماله «أبحاث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم» كما أنه حدّد حاجة الإنسان العظمى في مساعدة الآخرين والتبادل لتحقيق مصالحه الخاصة.
وجعل سميث التبادل خاصية إنسانية تتجاوز مستواها الاقتصادي إلى تبادل الخبرات والقيم، لفهم الحاضر وتصور المستقبل، والإنسان لا ينعزل عن العالم الاجتماعي، يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين مثله، وسيكون مضمون هذا المبدأ كما فلسفه سميث: «أعطني ما أحتاجه منك أنت، وسأعطيك ما تحتاجه أنت مني» بهذه الطريقة يتم الحصول على الجزء الأكبر من هذه الخدمات النافعة والضرورية.
بيد أن سير التبادل تعثّر فهمه وأصبح ذو طبيعة مزدوجة، فهو من ناحية إنتاج القيمة النافعة، ولكنه ارتبط بالمصالح فقط واستبعد منها حقائق ذلك التفاعل، وبذلك انهارت قيمة تبادل القيم بين الناس والدول واستمر معول الهدم من بعض هذه الدول الراعية للإرهاب والعمل ضد مصالح الآخرين في علاقاتها السياسية وخاصة مع محيطها الإقليمي والعربي.
والسير في حالة تبعية مع أحقادها ضد السعودية التي ترفض التهديدات والتدخلات في شؤونها الداخلية، ولكن التضامن العربي والإسلامي يظل حقيقة مبهجة تؤكّد مكانة المملكة، وهكذا يكون الهدف الإستراتيجي والتوازن التكتيكي والفضاء الشاسع من التعاون.