حوار - حبيب الشمري:
أكد معالي نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية للعمل الدكتور عبد الله بن ناصر أبوثنين، أن الوزارة اعتمدت في تطبيق قرارات توطين عدداً من الأنشطة، على الاستئناس والاستنارة برأي قطاع الأعمال، وذلك انطلاقاً من الشراكة والتكامل مع القطاع الخاص، بما يخدم أبناء وبنات الوطن ويمكنهم من فرص العمل المتاحة في السوق.
وأضاف خلال حواره مع «الجزيرة»، أن منظومة العمل والتنمية الاجتماعية هيأت حزمة من برامج وممكنات تدريب وتأهيل وتمويل وتوظيف أكثر من (60) ألف مواطن ومواطنة كمرحلة أولى في التوطين، للالتحاق بفرص العمل في القطاع الخاص، مبينا أن المنظومة أقرت وطورت عدداً من البرامج والمبادرات التي تُمكن السعوديين والسعوديات من الدخول إلى سوق العمل، وتحفيز المنشآت لاستقطاب المواطنين والمواطنات من خلال برامج متعددة.
وشدد على مضي الوزارة، في تحسين وتنظيم أداء سوق العمل وزيادة فاعلية الرقابة عليه، وتنظيم العلاقة بين أطراف العمل الثلاثة، وكذلك رفعِ كفاءة بيئة العمل. إلى تفاصيل الحوار:
* حاليا يجري العمل على توطين أربعة أنشطة من بين الأنشطة الـ 12، هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟
- كما تعرف أخي حبيب، أن فكرة توطين المهن بمنافذ البيع في أنشطة محلات السيارات والدراجات النارية، محلات الملابس الجاهزة ملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، محلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحلات الأواني المنزلية، ليست وليدة اليوم، بل إنها أتت نتيجة إدراك كبير ودراسات ومسوحات متعددة للقطاعات المختلفة في السوق، فلهذه الأنشطة الأربعة والأنشطة الثمانية الأخرى قامت الوزارة بإعداد دليل إرشادي لتوطينها يتضمن شرحاً مفصلاً للمفاهيم الأساسية لتطبيق قرار التوطين، والتعريف ببرامج الدعم المختلفة التي تقدّمها منظومة العمل والتنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى الإجابات على التساؤلات الأكثر شيوعاً. وهذا الدليل موجود على جميع مواقع الوزارة لأننا نؤمن بالشراكة مع الجميع.
* ماذا عن الأنشطة الثمانية المقرر توطينها لاحقاً؟
- نعم، هذه الأنشطة ستشرع الوزارة في خطتها لتوطين الأنشطة بالتعاون مع الجهات المعنية، على تطبيق التوطين في ثلاثة أنشطة هي: محلات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، محلات الساعات، ومحلات النظارات، وذلك في مستهل ربيع الأول لعام 1440، على أن يتم في جمادى الأولى من العام الجاري المرحلة الثالثة لتوطين محلات الأجهزة والمعدات الطبية، محلات مواد الإعمار والبناء، محلات قطع غيار السيارات، محلات السجاد بكافة أنواعه، ومحلات الحلويات. وأود الإشارة هنا إلى أن فرق التفتيش في الوزارة وبالتعاون مع الجهات المعنية، ستجري جولات ميدانية على الأنشطة المطبق توطينها، وذلك للتحقق من التزامها بالتوطين وإتاحة فرص العمل في هذه الأنشطة لأبناء وبنات الوطن.
* ألا ترى أن توطين 12 قطاعاً في غضون خمسة أشهر يشكل تحدياً أمام قطاع الأعمال؟
- في البداية دعني أصحح المفهوم، حيث إن القرار الذي صدر كان يستهدف توطين منافذ البيع في (12) نشاطاً وليس توطين (12) قطاعاً، وهناك فرق كبير بينهما. وصحيح كما قلت قد تكون المدة الزمنية التي تفصل بين بداية توطين الأنشطة في القطاعات الاثني عشر حتى اكتمالها، هي خمسة أشهر، ولكن لا ننسى بأن التهيئة لها والإعلان عنها بدأ منذ فترة طويلة وكافية، فلقد صدر قرار توطين منافذ البيع في الـ (12) نشاطاً في 11 جمادى الأولى 1439هـ أي قبل نحو 8 أشهر من تطبيق التوطين على المجموعة الأولى من تلك الأنشطة، وقبل نحو عام كامل من توطين المجموعة الأخيرة من تلك الأنشطة، وهي فترة كافية للأغلبية العظمى إن لم تكن للجميع لتوطين مهن يسهل توفير من يشغلها من أبناء وبنات الوطن.
* كيف ترون جاهزية سوق العمل لتوطين منافذ البيع في (12) نشاطاً؟
- كما نعلم جميعا أن سوق العمل المحلية بأمس الحاجة لكل السواعد الوطنية، وهو ما يحتم علينا في منظومة العمل والتنمية الاجتماعية، العمل على تأهيل وتدريب القوى الوطنية عبر برامج نوعية ومميزة تلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل، كما أننا في الوزارة نعمل مع شركائنا في القطاع الخاص على معالجة الاختلالات الهيكلية للسوق، بالإضافة إلى مواجهة الانكشاف المهني في عدد من الأنشطة والقطاعات. وللدلالة على جاهزية سوق العمل لتوطين منافذ البيع وغيرها من قرارات التوطين، قد لا نجد أصدق من الإحصاءات التي رصدناها خلال الفترة الماضية حيث تراوحت نسب الالتزام للقرارات التوطين للأنشطة الجديدة بين (80 و 84 %) والنسب في تحسن وتصاعد، في حين أن نسبة الالتزام لقرارات التوطين السابقة تصل في العديد منها لنسبة (95 %)، قد تكون تلك التغيرات والقرارات مؤلمة للبعض ولكن نؤكد بأن هذا الألم سيكون مؤقتًا وسيتماشى ويتأقلم الجميع مع تلك القرارات التي تسري بسلبياتها المحدودة والمؤقتة وإيجابياتها اللامحدودة والدائمة بإذن الله على الجميع دون تفرقة أو محاباة بين العاملين وأصحاب العمل بتلك الأنشطة.
ونحن متأكدون أنه سيأتي اليوم بالمستقبل القريب -بإذن الله- فتتحقق الأهداف والمكاسب المرجوة على مستوى الأفراد والعاملين والباحثين عن عمل وعلى مستوى المنشآت وأصحاب العمل بل وعلى جميع مكونات ومقومات التنمية الاقتصادية الشاملة بالمملكة.
* ما الممكنات والمحفزات التي قدمتها منظومة العمل والتنمية الاجتماعية لتفعيل توطين منافذ البيع في (12) نشاطاً؟
-هيأت منظومة العمل والتنمية الاجتماعية، حزمة من البرامج والممكنات لتدريب وتأهيل وتمويل وتوظيف أكثر من (60) ألف مواطن ومواطنة كمرحلة أولى، وذلك للالتحاق بفرص العمل في القطاع الخاص، وتستعد أطراف المنظومة، وهي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، وبنك التنمية الاجتماعية لإطلاق برنامج «ممكنات التوطين للأنشطة الموطَّنة»، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
كما أقرت المنظومة وطورت عدداً من البرامج والمبادرات التي تُمكن السعوديين والسعوديات من الدخول إلى سوق العمل، وتحفيز المنشآت لاستقطاب المواطنين والمواطنات من خلال برامج متعددة بالشراكة مع القطاع الخاص، ومن جهته فإن صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) دشن وطور حزمة من الممكنات التي تدعم تدريب وتوظيف المواطنين والمواطنات، حيث يجري حاليا التنسيق لعقد برامج تدريبية مشتركة مع عدد من الغرف التجارية الصناعية والمؤسسات التعليمية والتدريبية، لتنفيذ برامج تدريب مدعومة من الصندوق، فضلا عن منصات تدريب تفاعلية كمنصة (دروب) الإلكترونية، إضافة إلى تفعيل عدد من قنوات التوظيف وإتاحتها أمام الراغبين في الالتحاق بفرص العمل وأصحاب الأعمال كالبوابة الوطنية للعمل (طاقات)، ومراكز طاقات للتوظيف وفروع الصندوق المنتشرة في مناطق المملكة، ومعرض لقاءات الإلكتروني للتوظيف، ودعم استقرار السعوديين والسعوديات في سوق العمل من خلال برامج مدعومة من الصندوق كبرنامج دعم نمو التوطين بالمنشآت، برنامج دعم العمل الجزئي، برنامج دعم نقل المرأة العاملة (وصول) والتوسع الجديد الذي أعلن عنه، وبرنامج دعم ضيافة الأطفال (قرة) والتوسع الجديد الذي أعلن عنه ، ودعم رواد الأعمال وملاك المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
هنا أود أن أشير إلى أن بنك التنمية الاجتماعية، أطلق مؤخرًا منتج «حَلّ» الذي تم إطلاقه بالتزامن مع بدء تطبيق توطين منافذ البيع لـ (12) نشاطاً ويشمل حزمة من الممكنات والحوافز المادية والتمويلية والاستشارية والتدريبية والإرشادية، ولدى البنك باقة أخرى من برامج التمويل المتنوعة للشباب والشابات السعوديين من دون فوائد؛ لتمكينهم وتشجيعهم للعمل بأنفسهم في مشروعاتهم الخاصة والمجالات التي سيتم دعمها من البنك، بالإضافة إلى مركز «دلني للأعمال» الذي يقدم عددًا من الخدمات لأصحاب المنشآت الصغيرة والتي تتنوع ما بين التدريب والاستشارات والإرشاد، من خلال خبرات علمية وعملية وشراكات عالمية مع جهات داعمة للمنشآت الصغيرة. وفي إطار التشاركية داخل منظومة العمل والتنمية الاجتماعية ينظم صندوق تنمية الموارد البشرية وبنك التنمية الاجتماعية عددًا من ورش العمل واللقاءات؛ لتعريف المواطنين والمواطنات وأصحاب العمل بالفرص التدريبية والتوظيفية المتاحة في القطاع الخاص، ومساعدتهم في الوصول لها وإتاحة بيانات سوق العمل للاستفادة منها في برامج التدريب والتوظيف، بالإضافة إلى أن وكالة التوطين في الوزارة تعمل من جهتها على تحديد المجالات التي تدعم تدريب وتوظيف السعوديين والسعوديات في مختلف القطاعات والمهن، بالشراكة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
* ما وسائلكم في التحقق من التزام المنشآت بالتوطين؟
- الوزارة لا تعمل بمفردها في هذا المجال، ولديها تشاركية إيجابية في هذا الشأن مع عدد من الجهات في القطاعات الثلاث (القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والقطاع غير الربحي)، وبخاصة مع وزارات الداخلية، الشؤون البلدية والقروية، التجارة والاستثمار، الأمن العام، المديرية العامة للجوازات، وإمارات المناطق، وذلك من أجل تفعيل التوطين في كافة مناطق المملكة؛ والتحقق من التزام المنشآت بتطبيق قرارات التوطين التي صدر أو التي يصدر فيها قرارات توطين في كل مناطق المملكة، لتمكين المواطنين والمواطنات من فرص العمل. وتم اعتماد وثيقة برنامج التوطين في المناطق، لدعم وتعزيز التكامل بين الجهات الشريكة لزيادة نسب التوطين المنتج.
ولابد هنا من الإشارة إلى الدور الكبير للجان الميدانية في إنجاح التوطين من خلال آلية عمل ترتكز على تنفيذ خطط التفتيش والمتابعة اللازمة لتنفيذ برامج التوطين في المناطق، والقيام بجولات ميدانية صباحية ومسائية، بشكل يحقق التغطية الكاملة للأنشطة في النطاق الجغرافي المحدد، وإعداد جداول لتحديد الأولوية للأنشطة، لتوجيه الجهد الميداني نحو الأنشطة الأكثر استهدافا بالمتابعة والتفتيش، وتحرير ضبطيات المخالفات في حال عدم الالتزام بقرارات التوطين.
ومن خلالكم في جريدة الجزيرة أحث عملاء الوزارة وكافة المواطنين إلى التواصل عبر مركز الاتصال على الرقم (911 - 19)، أو عبر وسائل التواصل المتعددة للوزارة في منصات الشبكات الاجتماعية للبلاغات والاستفسارات والشكاوى الخاصة بمخالفات سوق العمل، ومنها المخالفات المرتبطة بالتوطين، وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر من الفائدة لسوق العمل، وهو ما نعقد عليه آمالاً كبيرة في تحقيق نتائج إيجابية تنعكس على الاقتصاد الوطني برمته.
* أعلنت المنظومة الأسبوع الماضي، عن 68 مبادرة لتحفيز القطاع الخاص للتوطين... هل لك أن تحدثنا عنها؟
- نعم، المبادرات التي تم الإعلان عنها، جاءت سعياً لتحفيز وتقوية ونمو القطاع الخاص وبالتالي لتنمية مساهمة هذا القطاع الهام لإيجاد فرص توطين أكثر ملاءمة واستدامة لشباب وشابات الوطن. حيث تم توجيه (20) مبادرة منها للأفراد تهدف لتسهيل التوظيف، زيادة الفرص التدريبية، تحسين الخدمات وبيئة عمل العاملين، نشر الثقافة العمالية، وإشراك العاملين في اتخاذ القرارات، بينما جاءت المبادرات الأخرى للمنشآت بهدف سهولة ممارسة الأعمال، تحسين الخدمات، تسريع الإجراءات، وتفعيل التواصل مع الوزارة، و (15) مبادرة ذات منافع مشتركة. وبحسب الخطة الزمنية، فإن إطلاق المرحلة الأولى من تلك المبادرات سيتم تباعًا على مدى ثلاثة أشهر، وسيتبعها مراحل أخرى من البرامج والمبادرات بهدف تعزيز الشراكة والتكامل بين منظومة العمل وقطاع الأعمال في المملكة، سعيًا لتحفيز نمو القطاع الخاص وتمكين المواطنين والمواطنات في كافة مناطق المملكة من فرص العمل اللائقة، المحفزة، والمستقرة، لرفع مستوى مساهمتهم في التنمية الاقتصادية، بما يتوافق مع مستهدفات التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030.