خالد بن حمد المالك
لا أحد في المملكة -قيادةً وشعباً- أسعده اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي، الذي لم تحرمه مواقفه وآراؤه المعارضة من أن يكون في موقع المسؤولية الحكومية والخاصة والإعلامية، ما يعني أن الدولة لم يكن لها موقف سلبي من آرائه، ولم تحرمه بسبب توجهاته من أن يعمل قيادياً في سفارتي المملكة في كل من بريطانيا وأمريكا، أو تحول دون أن يتسنم رئاسة تحرير صحيفة الوطن اليومية مرتين، وغيرها من المسؤوليات المهمة في الدولة.
* *
فالجميع في المملكة صُدم مع توارد الأنباء عن اختفائه، وعدم التوصل إلى أي معلومات (حقيقية) عن هذا الاختفاء، بما في ذلك أسرة جمال وأبناؤه الذين رفضوا متاجرة قطر باسم والدهم لأهداف سياسية، وطالبوا بالكف عن استغلال اختفائه في تمرير أجندتهم، والانتظار لما تسفر عنه التحقيقات لتمكن العدالة من أن تأخذ مجراها.
* *
قطر لم تكتفِ بقناة الجزيرة في محاولاتها المستميتة في إضفاء جريمة القتل مع غياب جمال خاشقجي، والإصرار على أن وراء هذه الجريمة الصاعقة الأجهزة السعودية دون دليل واحد يؤكد صحة ولو رواية واحدة من القصص والروايات المفبركة عن اختفاء المواطن السعودي جمال، إذ إن كل مصادرها مجهولة الهوية، ما اضطرها إلى أن تستقطب قنواتٍ وصحفاً وأقلاماً مأجورة، وتغريها بالمال لتقف مساندةً لها في هذا التوجه المشبوه.
* *
صحيح أن كثيراً من وسائل الإعلام الأجنبية انساقت وراء هذا الدجل الإعلامي القطري، وتورطت كما تورطت قناة الجزيرة في التخلي عن أي مصداقية إعلامية في هذا الحدث الإجرامي، الذي ربما تكون قطر نفسها طرفاً مسؤولاً عن هذه الجريمة، مستفيدة من وجوده في القنصلية لترمي على المملكة وقنصليتها مسؤولية اختفاء زميلنا جمال خاشقجي حتى الآن.
* *
لكن المملكة ستظل تتابع أمر اختفائه، وتبحث عما يوصلها إلى الحقيقة، وإلى مكانه حياً أو ميتاً، فليس من عادة قيادة المملكة أن تتخلى عن مواطنيها في الداخل أو الخارج، خصوصاً أمام جريمة كهذه، ما زال يلفها الغموض، إلا من معلومات غير صحيحة، بهدف الإساءة للمملكة، والحيلولة دون معرفة أو الوصول إلى المجرم الحقيقي.
* *
وسنظل بانتظار اللحظة التي تتوصل فيها لجنة التحقيق السعودية- التركية المشتركة إلى التفاصيل والمعلومات الحقيقية عن هذا الاختفاء لجمال خاشقجي، ولن يكون لهذه الحملة الإعلامية التي تقودها قطر أي تأثير على سير التحقيقات، أو نقل الحدث إلى ما يسيء إلى المملكة، فنحن أولاً وأخيراً نتعامل مع الوثائق، وحيث تكون هناك بينة، وليس على غوغاء الإعلاميين المرتزقة، وبعض السياسيين الذين لهم مآرب أخرى.
* *
على أن المملكة بمكانتها الروحية والاقتصادية وتاريخها، لن يؤثر فيها هذا الابتزاز السياسي باستغلال اختفاء جمال خاشقجي، وكل تهديد أو تآمر عليها سيواجه -كما في البيان الذي يتصدر هذه الصفحة- بمثله وبما يستحق، مهما كانت التحديات، أو التكتلات الدولية لإضعاف موقفنا، وعلى دول العالم ومؤسساتها وإعلامها وشركاتها أن تتذكر بأنها قد اختارت بالخطأ أن تكون مغامرتها مع المملكة في خصومة غير مبررة، ودون أن تضع حسابات للنتائج الموجعة لمن يغامر منها في إظهار خصومته لنا.