مها محمد الشريف
لا شك أن قطر شريك في جميع المصائب التي تحل بالعالم العربي، وتورطها في ليبيا -على سبيل المثال- أوضحه رئيس منظمة ويكليكس «جوليان أسانج» بأن الدوحة دفعت 50 مليون دولار لأحد القيادات مقابل سرقة منظومة الجيش الليبي في عام 2015، وكذلك في بقية البلدان الأخرى العربية.
ومن ناحية أخرى تصنع مانشتيتات عريضة باختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي وحولها أصوات صاخبة تحشد ضجة إعلامية عبر مرتزقتها، لاستكمال مشروعها التدميري، وتضع كل أدواتها في عين الإعصار الخامد الذي سيعصف بها يومًا فلا يبقى لها أثرًا على الخريطة السياسية، فعلى كل من يصمد أمام الزمن وأحداثه المتسارعة المخيبة للآمال أن يستعد لأصداء تشاؤمية وأزمة اقتصادية سياسية عالمية قطر وإيران وتركيا أول الخاسرين فيها.
لاسيما بعد استشراء بعض الأفكار الحديثة التي تتسم بالشك في الأزمنة الثلاثة: الزمن الجغرافي، والزمن الاجتماعي، والزمن الفردي أو الزمن الظرفي والهيجان السطحي، بمعنى تاريخ ذي ذبذبات قصيرة وسريعة وعصيبة، وجميعها ترتبط ببعضها كما فلسف المؤرخ الفرنسي «فرنال برودال»، هذه الأزمنة والتاريخ والمشكلات والسيطرة على العقول في المسائل الدائمة.
لم تعد الساحة الدولية تشترك في الخطوب وعلاجها أو حلها أو إنجازها، فهناك من يبني وهناك من يتآمر ويهدم، وأيضًا من يبسط إستراتيجية تتحالف مع منظمات وجهات لمواصلة استنزاف وإنهاك دول أخرى، لا تختلف لا في الوسائل ولا في المطالب كمسار يتزامن مع ظهور ثورة الاتصال ودفع الإنسان نحو حافة الزمن الخارجية.
ويمكن هنا أن نذكر بعضاً من تلك الخطوب بعد إستراتيجية الإرهاب ومحركاته والدول التي تدعمه، فقد أصبح هذا القرن يرتبط به لتغيير الأنظمة السياسية، بداية من أنشطة إيران وقطر الإرهابية، إلى الرسائل الموجهة للساحات الدولية، التي تقف ضد الأهداف وتنحاز إلى المخططات والصراعات بين أمريكا وروسيا تستهدف بها سوريا والعراق وليبيا واليمن مندرجة على جدول العمليات، بالتحديد بعد أن شنت مشاة البحرية الأميركية «المارينز» هجومًا عنيفًا، مدعومًا بقصف مدفعي في البادية السورية وتقول رسالة لروسيا.
وأنه مما لا شك فيه أن الحرب التجارية وشن الهجمات إلكترونية لا تقل أهمية عن بقية الأحداث، في الحقيقة هو إرث من الجرائم المعلوماتية، الأمر الذي دفع أوروبا وواشنطن لمواجهة هذه الأخطار ووضع إمكاناتها في التصدي للقرصنة المعلوماتية الروسية.
ليس من المستبعد أن يكون البشر في هذا التاريخ أكثر دموية ووحشية، وهذا يتجلى في الحروب غير المتكافئة ومعايشة أوضاع مأساوية انتزعت الرحمة من القلوب لتحكي واقع التاريخ اليوم، يتجدد معها ذات الالتباس والانزلاق نحو حاضر ينتمي إلى ميراث ماضٍ تحكمه التقلبات السياسية والعلاقات الدولية والمكائد والمؤامرات التي تتحكم فيه.
فكيف يمكن أن تكون الاحتمالات القادمة؟ وفيها رؤساء الخلايا والقواعد والمعسكرات والمخططات والخيانات والتنظيمات، التي تحكم إنتاجها وتوزيعها وتداولها، متى يحرز العالم الانتصارات على المشاريع الفوضوية والممارسات الوحشية والتوجس من القرارات السياسية التي تبتلع كل الحلول، والهيمنة الغربية التي كلما كادت أن تتراجع صلاحيتها تبدأ من جديد بقوة على نحو متعال ومتغطرس.
إن اللامتوقع هو انتهاء الأزمات والحروب وتتوقف الدول العظمى عن تصنيعها، وتستقيم أهداف السياسة العالمية، ولهذا الأمر أهمية كبرى في السيطرة على الرأي العام، فإن هذا العالم يفقد أكثر مما يكسب في ظل هذا التحول الكبير.