علي الخزيم
أعوذ بالله من كآبة المنظر؛ هي العبارة التي تخطر على البال وأنت تشاهد حال بعض مواقع الاحتفالات الشعبية بيومنا الوطني المجيد وبعض الحدائق العامة آنذاك، بسبب ما يتركه البعض -هداهم الله- من نفايات ومخلفات بلاستيكية وورقية ونحوها، كلٌ يرمي أغلفة الحلويات وأكياس المكسرات وأكواب العصائر والمياه تحت أرجله بمكان وساحات الاحتفالات والتجمعات الجماهيرية، رغم أن حاويات النفايات ليست بالبعيد عنهم، البعض يحتج بأنها مع الزحام تكون بعيدة عنهم والبعض الآخر يقول إنها ممتلئة، وكلها بنظري مبررات قد لا تكون مقبولة دائماً، فيمكن جمع النفايات بأكياس حولك ثم حملها ووضعها بالحاوية، وإن كانت ممتلئة كما تقول فيمكن على الأقل وضعها بجانبها وتكون بذلك قد قمت بأقل الواجب، وتشكر عليه.
كانت تلك النفايات بالساحات أثناء التجمعات الاحتفالية المحببة بالعاصمة الجميلة الرياض وأظهرتها مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل؛ تدل على أن مفهوم (حب الوطن) يحتاج إلى التصحيح لدى البعض، فمن أهم مظاهر حب الوطن العمل على رؤيته مُشْرقاً نظيفاً، وإذا أدركنا أن حب الوطن يكون بالقول والفعل واحترام تفعيل هذا المبدأ؛ فإن الفعل لا تكمن مصداقيته بتوقيته، بل بدوامه وإتقانه! ويرى البعض أن مثل هذا التهاون بنظافة الحدائق والساحات لا يصدر إلا من مواطن قليل الإخلاص للوطن، أو من مقيم لا يهاب الأنظمة لرخاوتها، أو لانعدامها بالكلية، وأقول: أنها مسألة ذوق وأدب وحضارة وثقافة وتندرج بمضامين حب الوطن، لو كنا بالحرم الشريف أو الجامع المزدحم لصلاة التراويح والتهجد؛ لكننا جمعنا نفاياتنا بكيس لحين الخروج لنضعها بالمكان المخصص لها، لماذا لا نصنع أثناء الاحتفالات كذلك؟!.. الواثق من نفسه لا يضيره أن يحمل نفاياته ويقذفها بالحاوية، والواثق أكثر والمتحضر من يلتقط بطريقه أكياساً أخرى من النفايات ويضعها هناك.
في الممشى مثلاً أشاهد المخالفات ورمي النفايات، لكن لا أملك السند النظامي القانوني لمواجهة كل من أخطأ التصرف، وبعضهم ربما يخطئ التصرف معي ومعاملتي كمن يعتدي عليه لأنه ابتداءً لا يعي ثقافة النظافة والمظهر فكيف يستوعب معنى النصح الآن؟.. أو ربما عدَّها الوافد من باب تسلط المواطن على المقيم، فندخل في مشاحنات وملاسنات بعيدة عن الموضوع ذاته! وقد ترى جهات الاختصاص مناسبة الاقتراح بأن يكون النظام بالحدائق بطريقة الموقع أو المربع أو أيّ صيغة ممكنة، بحيث إن كل أسرة قبل دخول الحديقة تبرز الهوية ويسجل المُنظمون موقعها الذي يخصص لها، ومن يخالف تسجل عليه غرامة تلويث الحديقة، ولا عيب بذلك (من يرغب الاستمتاع بالحديقة فقط يحافظ عليها)، وإن كنا نتعهد منازلنا بالنظافة والترتيب والجمال؛ فان الوطن هو بيتنا الكبير، فلنحرص على بقائه زاهياً جذاباً، لأن الوطنية سلوك ومبادئ وقيم يتحلى بها المواطن وليست مجرد شعارات نرددها بالمجالس دون تطبيق فعلي.
سنظل جميعاً -بعون الله- أوفياء لوطننا خادمين للمقدسات والمشاعر مترسمين خطى الأجداد، لتدوم بلادنا ناهضة متحضرة عزيزة شامخة بعز الإسلام وقيادتها الحازمة وأهلها الميامين.