سمر المقرن
المتتبع لمراحل جمال خاشقجي منذ ظهوره في أفغانستان ولغاية اليوم، ومن يعرفه جيداً لا يمكن أن يخفى على العين المجرّدة إصابة هذا الرجل بجنون العظمة، فكل أعراض هذا المرض تنطبق عليه وعلى مراحله الإعلامية، فهذا الإنسان لا يهدأ له بال إن لم يكن دائماً في الصورة، ولا يرتاح إن لم يجد نفسه مادة إعلامية يتداولها الناس. في الحقيقة لم أكن أرغب في الكتابة عن هذا الكائن، لأن كل أهدافه من هذه المسرحية هو أن يكون مادة يتداولها الإعلام وحديث الناس، لكنني كتبت بعد متابعة عميقة لمسرحية (تركية - قطرية) فاشلة تريد إقحام المملكة في قضية وهمية يتحقق منها أهداف التنظيم وأهداف الأعداء وأهداف خاشقجي نفسه الذي يعيش هذه الأيام فرحة غامرة، كونه مادة دسمة يتحدث الكل عنها بما فيها رؤساء دول، وهذا الحلم الذي تحقق لخاشقجي ولا أظن أن لديه أحلاماً أكبر من هذا!
المملكة لو أرادت خاشقجي أو غيره بإمكانها أن تتمكن منهم، ليس بالأمر الصعب أبداً، ولسنا بالسذاجة التي رسمها السيناريو التركي للحادث. المملكة دائماً تسير على منهج أن من باع وطنه هو الخاسر، ولم تلاحق من قبل أي من المعارضين الذين يعيشون في الخارج تحت كنف أعداء المملكة، لم تبحث عنهم لأن كل هذه (الخمّة) لا تحرك شعرة لدينا، بينما خاشقجي المصاب بداء العظمة لم يهدأ باله للتجاهل الذي أتعبه وأرهقه من قبل ومن بعد، فأراد تحقيق أجندة ثلاثية تتفق على الإساءة للمملكة.
باعة الأوطان ليسوا سوى مرضى، فالأسوياء لا يبيعون أوطانهم. أنا شخصياً لا أتعاطف معهم، إنما أتعاطف مع الحالة المرضية التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه، وأتعاطف مع أسرهم وأهاليهم الذين يعيشون مصائب أبنائهم وبناتهم المارقين. لا أخفي تعاطفي مع أسرة خاشقجي وحالة الحرج الكبير الذي أوصلهم إلى مرحلة التبرير عن ذنب لم يقترفوه سوى أن (جمال) ينتمي لهم.
بالمناسبة، مُخرج المسرحية التركية ركيك جداً، كل التهم التي تحولت إلى حقائق حسب الإعلام المعادي بقيادة الجزيرة حتى قبل ظهور نتائج التحقيقات، الكذبة التي كذبوها وصدقوها لا يقبلها عقل ولا يُفسرها منطق، والمملكة ليست بحاجة إلى من يدافع عنها، كما أنه لا جمال ولا غيره من هذه الكائنات المريضة يستطيع أن يضعنا تحت أي ضغط أو حرج، نحن نشاهد هذه السيناريوهات الركيكة ونضحك، والأكيد أن جمال خاشقجي يعيش هذه الأيام في أوج سعادته، فداء العظمة لديه في حالة شبع!