ميسون أبو بكر
معرض «أطفال الشرنقة الإلكترونية» في مقر الأمم المتحدة والذي مثل أبعادا مختلفة للتنمر والمخاطر التي يتعرض لها الأطفال حول العالم على الانترنت حفزني لأكتب مقالي هذا حول الطفولة المسروقة لأطفال العالم.
ليست دهشة إنما فزع حقيقي يصيبني كلما جلست مع أطفال سرقت التقنية طفولتهم بشكل أو بآخر.
بنت في عمر الورد تجاوزت العاشرة بقليل تلبس حذاء بكعب عالي، وتضع مساحيق تجميل وكأنها (موديل) عارضة أزياء أو امرأة ذاهبة لزفاف، شغف تلك الفتيات وتعلقهن بالماركات كبير، وربما تتساءل أيها القارئ لماذا أشرت في بداية مقالي إلى التقنية وعلقت عليها الجرس؟
لأن التقنية هي الوسيلة التي تسببت بهذه الطفرة الجينية التي قضت على جينات الطفولة، وسارعت بأطفالنا إلى سلم النضج سريعا ولا أقصد هنا النضج الفكري أو الثقافي، هذا الهاتف اللعين نقل لهن آخر صرعات الموضة، وكيف تضعين (ماكياجك) وجنون نجوم الفن والسوشيال ميديا، وما أحب التقليد إلى الطفل، حتى السفر لم يعد للمتعة والاستجمام والانفراد بالعائلة قدر ما هو للتصوير ونشر تفاصيل الرحلة على سناب شات وانستجرام والاستعراض والتباهي وللإعلانات التي صار الأطفال أبطالها وأول المروجين لها.
الطفولة التي أتحدث عنها ضاعت ملامحها فلا نكاد نرى طفل يحتضن دمية هي كل عالمه، أصبحنا نفتقد متعة البراءة في وجوه أطفالنا وتصرفاتهم التي تجعلهم أكبر من سنوات عمرهم التي لا تكاد تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، كتب الأطفال والرسم بالألوان، وملاهي الأطفال البريئة وأفلام الكرتون هجرها أطفالنا إلى شباك الانترنت والشخصيات الإلكترونية وآخر صرعات الموضة، وأغاني الحب والوله والفراق بدلا من «يا يما قومي طلي، وريما ريما بدها تنام وغسل وطاق طاق طاقية».
ندائي للأم والعائلة والمدرسة ورقابة مشددة لإعادة الطفولة إلى عالمنا، كي تحمي الطفولة من الشرنقة الإلكترونية التي فتكت بفكرهم ووقتهم وعزلت البعض بعزلة مدمرة وباللعبة مريم وقضايا الانتحار التي أودت بحياة أطفال سحرهم العالم الفضائي.
التربية والأخلاق التي لا يجب أن تضيع وسط هذا التسارع الإلكتروني وآفة العصر.
والله المستعان.